وقيل: إن دار الإسلام من يحكمها مسلم ولو كان أكثر أهل البلد كفارًا، والعلماء اختلفوا في هذا اختلافًا كثيرًا، لكن أقرب الأقوال أن ما أعلن فيه بالإسلام؛ بالأذان والجُمَع والجماعات والصيام، وما أشبه ذلك، فهي دار الإسلام.
***
( ... ) والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
هل يشترط للملك بالإحياء إِذْن ( ... ).
***
(والعنوة كغيرها) العنوة؛ يعني: الأرض العنوة كغيرها، أرض العنوة: هي ما فتح بالسيف، وغيرها: ما أسلم أهلها عليها، وأنتم تعلمون أن الإسلام نشأ من جزيرة العرب، وبدأ ينتشر في أقطار الدنيا بالدعوة إلى الله، وبالسيف لمن عارض هذه الدعوة، الذين عارضوا هذه الدعوة فُتحت بلادهم بعدة أوجه؛ منها ما فتح عنوة؛ يعني بالسيف؛ أي أن الصحابة قاتلوا أهلها حتى دخلوها عنوة، فهذه يخير الإمام فيها -كما مر علينا في كتاب الجهاد- بين قسمها بين الغانمين، وأن يضرب عليها خراجًا مستمرًا، يؤخذ ممن هي بيده، هذه الأرض التي فُتحت عنوة هل تملك بالإحياء أو لا؟
الجواب: نعم، تملك بالإحياء، ولهذا قال:(العنوة كغيرها)، لا يقال: إن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وقَّفها وضرب عليها خراجًا مستمرًّا يؤخذ ممن هي في يده يضم إلى بيت المال؛ لأن عمر رضي الله عنه رأى أن قسمها بين الغانمين يفوِّت على الأجيال المستقبلة منفعة هذه الأرض، وليست الأرض كالمال، المال بالاتفاق يقسم بين الغانمين؛ لأنه أعيان قائمة فتؤخذ وتقسم بين الغانمين وتفنى، لكن الأرض باقية، فرأى عمر ألَّا تقسم بين الغانمين (٤)؛ لأنها لو قُسِمت بين الغانمين لاختص بالانتفاع بها الغانمون فقط، وضاع حق الأجيال المقبلة، فرأى رضي الله عنه أن يجعلها كالوقف، ويجعل عليها خراجًا مستمرًّا، يعني مثلًا هذه المساحة من الأرض كذا وكذا من الدراهم، تؤخذ هذه الدراهم وتضم إلى بيت المال، فهل يقال: إن العنوة لا تملك؛ لأنها شبيهة بالوقف أو هي وقف؟ أو يُقال: بيت لك.