الصواب أنها تملك وأن من أحيا أرضًا ميِّتَة من هذه البلاد العنوة فهي له، وينتقل فيها الملك، هذا هو الصحيح، وما زال المسلمون يتبايعون هذه الأراضي، أما قول بعض الفقهاء، ومنهم أصحاب الإمام أحمد في المشهور عنه أنه لا يباع غير المساكن مما فتح عنوة، فهذا قول مخالف لما جرى بين المسلمين، فإن المسلمين منذ فتحوا هذه البلاد وهم يتبايعون الأراضي والمساكن ويملكونها، فالمؤلف -رحمه الله- أشار إلى هذا القول، وقال: إن العنوة كغيرها، غيرها أيش؟
هي التي أسلم أهلها عليها، فهذه الأرض لا تُغنم، ولا تقسم بين الغانمين، ولا يُضرب عليها الخراج، مثل قرية لما رأى أهلها أن المسلمين انتصروا ورغبوا في الإسلام أسلموا قبل أن تُفْتَح، فهنا تكون الأرض حرة وتكون لهم، وتملك بإحيائها بالاتفاق.
طالب:( ... ).
الشيخ: إي شرحناها، كيف؟ ما شرحنا هذه؟ وبيَّنَّا أن دار الإسلام ما أعلن فيها الإسلام، وغير دار الإسلام دار الكفر اللي يعلن فيها الكفر فالإنسان يملك في دار الكفر ويملك في دار الإسلام.
قال المؤلف:(ويُمْلَك بالإِحْيَاء ما قَرُبَ من عَامِرٍ إن لم يتعلق بِمَصْلَحَتهِ) العامر: يعني المساكن العامرة التي بُنيت، فإذا أحيا شخص أرضًا قريبة من هذا العامر فإنه يملكها.
كمثال ذلك: رجل وجد أرضًا بيضاء إلى جنب بيت فأحياها بطريق من طرق الإحياء، فإنه يملكها، لا يقول صاحب البيت هذه الأرض إلى جنب بيتي فلا تملكها؛ لأنه لو قال: ذلك لقلنا: هذه أرض ميتة أحياها هذا الرجل فملكها، وقد قال: النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ»(١)، إذا قال: إذا أحياها منع عني الهواء ومنع عني الشمس ماذا نقول له؟
نقول: هذا ملكه يتصرف فيه بما شاء اللهم إلا أن يتعمد الإضرار بك فيطيل البنيان من أجل حجب الشمس والهواء عنك، فحينئذ نمنعه، وأما إذا بنى بناء معتادًا فهو قد ملك الأرض، ويبني عليها ما شاء مما اعتاده الناس.