للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال المؤلف: (إن لم يتعلق بمصلحته) فإن تعلق بمصلحته فإنه لا يملك، مثاله: هذا رجل مزارع عنده زرع، وله -أي لهذا الزرع- شعبة من الوادي، مسيل المطر تدخل في هذا البستان وتسقيه، فجاء رجل وأحيا هذه الشعبة التي يأتي منها الماء لهذا البستان، وهي بعيدة عن البستان، فهل له إحياؤها؟

الجواب: لا، لماذا؟ لأنها تتعلق بمصالح، وعلى هذا فبطون الأودية التي يستقي منها الناس لا يجوز لأحد أن يتملكها، فإن تملكها فإن كان ببنيان هُدِم، وإن كان بغرس خُلِع، وإن كان بزرع يُنْظَر إن كان هذا الزرع يحصد قبل أن تأتي الأمطار أمهلناه، وقلنا: يبقى زرعك حتى تحصده، وإن كان يُخشى أن تأتي الأمطار قبل انتهاء الزرع فإنه يُزال لئلا يمنع الأمطار.

كذلك أيضًا لو فرض أن هذه البلد فيها مكان فسيح تُلْقى فيه الكناسة وفضلات البنيان، وما أشبه ذلك فجاء رجل وأحيا هذا المكان، فإننا نقول: لا، ليس لك الحق في إحيائه، لماذا؟ لتعلُّقِ مصالح البلد به، فإن بَنَى هُدِم بنيانه، وإن غرس خُلِع غرسه.

كذلك أيضًا الأرض المملحة التي يقطع منها الناس الملح، لو جاء شخص فأحياها فإنه لا يملك ذلك، لماذا؟

لأن ذلك تتعلق به مصالح البلد، فإذا كانت تتعلق به مصالح البلد فإنه لا يمكن أن يستولي عليها أحد لتفويت المصالح.

وكلمة (إن لم يتعلق بمصلحته) عامّة، بل فيه أرض معدة لتكون مقبرة لأهل البلد، فجاء رجل فأحياها، نقول هذا الإحياء غير صحيح، حتى لو بنى هُدِم بنيانه، وإن غرس خُلع غرسه؛ لأن ذلك يتعلق بمصلحة البلد.

قال رحمه الله: (وَمَنْ أَحَاطَ مَوَاتًا، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا فَوَصَلَ إِلَى الْمَاءِ، أَوْ أَجْرَاهُ إِلَيْهِ مِنْ عَيْنٍ وَنَحْوِهَا، أَوْ حَبَسَهُ عَنْهُ لِيُزْرَعَ فَقَدْ أَحْيَاهُ).

<<  <  ج: ص:  >  >>