أما إذا حفر بئرا ليستقي منها فقط، كما يوجد في بعض الجهات يحفر أهل الإبل بئرًا لسقي إبلهم فقط لا للزرع، فإن هذه البئر لها حريم، يعني لها مكان محترم يملكه صاحب البئر بسبب هذه البئر.
هذه الآبار تنقسم إلى قسمين: آبار جديدة مبتدأة، وآبار عادية قديمة.
فالآبار العادية القديمة: يملك حافرها خمسين ذراعًا من كل جانب يعني؛ دائرة يبلغ قطرها خمسين ذراعًا، وإن كانت ابتدائية فإن صاحبها يملك خمسة وعشرين ذراعًا، لماذا؟
قالوا: لأن العادية حُفِرَت مرتين، فيملك بالحفر الأول خمسة وعشرين ذراعًا، في الحفر الثاني خمسين ذراعًا.
وأما الابتدائية فإنها لم تحفر إلا مرة واحدة فيملك صاحبها خمسة وعشرين ذراعا، والله أعلم.
( ... ) يصير به إحياء إذا هيأ الأرض لما تصلح له وأعدها لذلك، حتى قال: العلماء لو كانت الأرض فيها أشجار غير صالحة وغير مرغوب فيها، فقطع الأشجار، مثل لو كان فيها أشجار من الشوك، وقطع هذه الأشجار، فإن ذلك إحياء، قالوا: ولو كانت أرضًا مزروعة بالأحجار السود التي لا تصلح للزراعة بوجودها فأزال هذه الأحجار ونظفها منها فإن ذلك إحياء، فالمهم إذا هيأ الأرض بما أعدت له من بناء أو زرع أو غراس فهذا إحياء.
هنا مسألة: لو أنه تحجَّر الأرض بالمراسيم أو بأن أدار حولها ترابًا، حددها بالتراب، فهل يعتبر هذا إحياء؟
قال: العلماء ليس بإحياء، لكنه تحجر، فيكون أحق بها من غيره، فإذا وجد متشوف لإحيائها قيل لهذا الرجل: إما أن تحيي وإما أن ترفع يدك، بخلاف ما إذا ملكها، فإنه إذا ملكها لا يقال له: إما أن تزرع وإما أن ترفع يدك؛ لأنه ملكه، سواء زرعه أو ما زرعه، لكن التحجر هذا هو الذي يقال لمن تحجر: إما أن تزرع وإما أن ترفع يدك.
قال المؤلف: إن حريم البئر البدية كذا وكذا، والعادية كذا وكذا.
ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى:(وَلِلإمَامِ إِقْطَاعُ مَوَاتٍ لِمَنْ يُحْيِيهِ، وَلَا يَمْلِكُهُ).