الجواب: في هذا خلاف بين أهل العلم، منهم من قال: لا يجوز لاحتمال ألَّا يحصل للثاني؛ لأن الثاني إذا لم يحيه قيل له: ارفع يدك، وقال بعض أهل العلم: بل يجوز ذلك؛ لأن هذا الذي أُقْطِع تنازل عن حقه بعوض، والأصل في العقود الحِلُّ والإباحة، وليس في ذلك محظور؛ لأنه إذا تنازل عنه نزل الثاني منزلة الأول، هذا اللي يحصل، وهذا لا مانع منه، وهذا القول هو الصحيح، أن له أن ينزل عن هذا الإقطاع بعوض.
خلاصة القول في هذه المسألة: أنه يجوز للإمام أن يقطع الأرض لمن يحييها، والسؤال الآن هل إذا أقطعه يملكها بذلك؟
في هذا قولان لأهل العلم:
القول الأول: أنه يملكه، وتعليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بعض الأراضي (٥)، وإقطاعه إياها تمليك بلا شك.
ودليل آخر: أن الإمام نائب عن الأمة فإذا أقطع هذا الرجل فكأنه وهبه، والهبة يكون بها الملك.
والقول الثاني: أنه لا يملكه، واحتجوا بقول الرسول عليه الصلاة والسلام:«مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ»(١).
فجعل النبي عليه الصلاة والسلام مناط الحكم هو الإحياء، وعلى القول بأنه لا يملكه هل يجوز أن يتنازل بعوضٍ لغيره؟
الجواب: فيه خلاف، والصحيح أن ذلك جائز.
قوله:(ولا يملكه) أنا قلت لكم: إن (الواو) هذه للاستئناف، وليست معطوفة على قوله:(لمن يحييه)؛ لأنه لو قلنا بأنها معطوفة لفسد المعنى، قال:(وله) أي: للإمام (إقطاع الجلوس في الطرق الواسعة) الإمام أو نائب الإمام، فمن نائب الإمام في إقطاع الجلوس؟ البلدية في الوقت الحاضر؛ يعني له أن يقطع شخصًا هذا المحل ليبسط فيه، لكن بشرط ألَّا يضر بالناس، فإن أضر بالناس فإنه لا يجوز له أن يقطع؛ لأن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة، فإذا كان إقطاعه هذا الرجل أن يجلس يبيع في هذا السوق يضيق السوق على المارة؛ لأن السوق يزدحم، فليس للإمام ولا نائب الإمام أن يفعل ذلك، لما فيه من الإضرار العام.