للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقول المؤلف: (له)، (اللام) هنا بيان للإباحة، فلا ينافي أن يقال: إنه يجب عليه إذا طلب أحد الرعية مكانا يبيع فيه ويشتري وليس به ضرر على المسلمين يجب عليه أن يمنحه؛ لأن الأرض لله عز وجل، وليس له أن يتحكم فيمنع هذا ويرخص لهذا، بل نقول: ما دام هذا الرجل محتاجًا إلى أن يعرض سلعه في هذا المكان وليس فيه ضرر على المسلمين فالواجب عليك أن تلبي دعوته.

قال: (ويكون أحق بجلوسها) من الذي يكون أحق؟

الْمُقطَع يكون أحق بالجلوس فيها، حتى لو جاء أحد وأراد أن يزيله أو جاء أحد ونزل في هذا المكان فله المطالبة بذلك، فإذا فرضنا أن نائب الإمام أقطع هذا الرجل هذه البقعة من الأرض يعرض فيها سلعه، فلما أصبح وجاء على العادة وجد شخصًا آخر قد بسط فيها سلعه وعرضها، فله أن يقيمه، له أن يقول: قم، أنا أحق بذلك منك؛ لأنه مقطع من قبل ولي الأمر، ولهذا قال: (ويكون أحق بجلوسها، ومن غير إقطاع لمن سبق بالجلوس ما بقي قماشه فيها وإن طال)، معنى (من غير إقطاع) يعني: أنه لو سبق شخص إلى هذا المكان لعرض السلع فمن سبق فهو أحق، ولكن هل له أن يتحجر؟

الجواب: ينظر في ذلك إلى العرف، فإن كان العرف قد جرى بأن الإنسان يبقى في هذا المحل وفي آخر النهار ينزح عنه فإنه ليس له أن يتحجر، وإن جرت العادة بأن الإنسان يبقى ويتحجر ولا يعد الناس ذلك ظلمًا؛ فله أن يبقى.

ولهذا قال المؤلف: (ويكون أحق بجلوسها ما بقي قماشه فيها وإن طال).

فأفادنا المؤلف فائدتين: الفائدة الأولى: أنه ما بقي القماش في هذه الأرض التي سبق إليها فهو أحق بها، فإن نقل القماش فليس أحق بل هي لمن سبق في اليوم التالي، فإذا نقل الإنسان قماشه إلى بيته ليكون عنده في الليل وجاء في الصباح ووجد شخصا قد نزل فيه فليس له حق في أن يقيمه عن هذا المكان؛ لأنه لم يُقْطَع من قبل ولي الأمر، وإنما صار أحق بسبب السبق، فإذا نقل قماشه وسبق بعده آخر فهو أحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>