(لمن في أعلى الماء المباح) هل هناك ماء محرم؟ لا، لكنهم يقولون: المباح هنا في مقابل المملوك، كالكلأ المباح في مقابل المملوك، فالماء المباح –يعني: الذي ليس له مالك- كماء الأودية والأنهار إذا مَرَّ بالمزارع، فأحق الناس به أسبقهم؛ يعني الذي في أعلى الماء، فمثلًا إذا كان هذا الوادي الذي يمشي به المطر إذا كان بجانبه عدة بساتين أعلاها رقم واحد ثم اثنين ثم ثلاثة إلى عشرة، فمن الذي يسقي أولًا؟
رقم واحد الأعلى يسقي إلى أن يصل إلى الكعب؛ إلى كعب الرجل، ثم إذا وصل إلى الكعب وجب عليه أن يفتحه على من يليه، ثم يَفْعَل كما فعل الأول، وهكذا إلى آخره.
فإن كان أَوَّل من ( ... ) في هذا رقم ثلاثة ثم تقدم عليه رقم اثنين ورقم واحد، فمن الأول منهم؟
الأول: رقم ثلاثة؛ لأن هؤلاء جاءوا حدثًا، فيُنْظَر للأسبق، ودليل ذلك: قِصَّة الزبير بن العوام رضي الله عنه حين تنازع مع رجل من الأنصار في شَرَاجِ الْحَرَّةِ فقال: النبي صلى الله عليه وسلم للزبير: «اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ»، فَحَمِيَ الرجل وغَضِب، كيف يقول: اسق ثم أرسل، ما جعل السقي مشتركًا، فقال: أَنْ كان ابن عمَّتِك يا رسول الله. الله يعفو عنه، هذه كلمة عظيمة؛ يعني اتهم النبي صلى الله عليه وسلم بحكمه للزبير أنه ابن عمته؛ لأن الزبير أُمُّه صفية بنت عبد المطلب، فاحتفظ النبي عليه الصلاة والسلام للزبير بحقه، وكان بالأول أراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يسقي الجميع، فقال: اسق؛ بمعنى: اجعل الماء ينتشر في أرضك بقدر ما يسقيه فقط، ثم قال للزبيرِ:«اسْقِ حَتَّى يَصِلَ إِلَى الْجَدْرِ، ثُمَّ أَرْسِلْهُ إِلَى جَارِكَ»(٧).
الجدر عندنا الحواجز التي بين الحياض، ويسمى عندنا -عند الفلاحين- يسمى الفَلَّا، معروف عندكم هكذا؟