قال المؤلف:(فمن فعله بعد علمه بقوله استحقه، والجماعة يقتسمونه، وفي أثنائه يأخذ قسط تمامه)، وبعد العمل لا يستحق شيئًا، (فمن فعله) يعني: فعل ما جُعل له جُعْلٌ فلا يخلو من ثلاث حالات:
الحال الأولى: أن يفعله بعد العلم، الثانية: أن يفعله قبل العلم، الثالثة: أن يفعل بعضه قبل العلم وبعضه بعد العلم.
مثال ذلك: أعلن هذا الرجل في الصحف أن من رد لقطته -وهي لقطة ثمينة- فله عشرة آلاف درهم، فجاء رجل فقال: هذه لقطتك، فهل يستحق العشرة؟
لا، ننظر إن كان قد وجدها قبل الإعلان لم يستحق شيئًا؛ لأنه لم يعمل لي، وإن كان قد طلبها ووجدها بعد الإعلان استحق الجعل كاملًا، وإن علم بالإعلان في أثناء الطلب استحق بقسطه، فمثلًا إذا قال: أنا كنت أطلبها منذ يومين فسمعت بالإعلان، وبعد سماعي بالإعلان طلبتها يومين آخرين فوجدتها، كم يستحق؟ نصف الجعل؛ لأنه عمل نصف العمل قبل أن يعلم بذلك.
فإذا قال: أنا طلبت هذه اللقطة بنية الرجوع على صاحبها، يعني أني أرجع بعملي، قلنا: ليس لك حق في ذلك؛ لأن صاحبها لم يطلب هذا الشيء، ولم يجعل هذا الجُعْل، وربما يكون صاحبها لم يعلم بأنها ضاعت، وربما يكون صاحبها ثريًّا غنيًّا لا تهمه إذا ضاعت.
لهذا لا تستحق شيئًا إلا بعد علمك بالْجُعْل، إذا كنت فعلت ذلك بعد علمك أعطيناك، فإذا ادعى أنه عمل بعد العلم وأنكر الجاعل فما الأصل؟ هل نقبل قول الجاعل أو نقبل قول العامل؟
طلبة: قول العامل.
الشيخ: الظاهر أن نقبل قول العامل؛ لأن الغالب أن الإنسان لا يعمل لغيره إلا رجاء العوض فنحكم بأن عمله كان بعد علمه بالجعل.