للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول: (ولكل واحد منهم فسخها، فمن العامل لا يستحق شيئًا، ومن الجاعل بعد الشروع للعامل أجرة عمله) إي نعم، إذا وقع الفسخ؛ فإن كان من العامل فلا شيء له ويذهب عليه عمله هدرًا؛ لأنه هو الذي رضي لنفسه بعدم الاستحقاق، فإنه يعلم أنه لا يستحق العوض إلا إذا أتم العمل فإذا فسخه في أثنائه ذهب ما عمله هدرًا ولا شيء له، ولكن ظاهر كلام المؤلف أنه لا شيء عليه أيضًا، لا شيء له ولا شيء عليه أيضًا، وهل هذا مُسَلَّم؟

الجواب: فيه نظر، فإن العامل قد يشرع في العمل في وقت يكون فيه العمال متوافرين، ثم إذا قَلَّ العمال ونشب كل واحد منهم بعمل، وشرع هذا في العمل قال: فسخت، وحينئذ سوف يتضرر الجاعل؛ لأن العمال كان حين أخذ هذا الرجل العمل الواحد بعشرة ريالات، الآن لا نجد الواحد ولا بمئة ريال، وحينئذ يتضرر الجاعل، وقد مَرَّ علينا أن العقود الجائزة إذا تضمنت ضررًا على أحد الطرفين صارت لازمة في حق غير المتضرر، إلا إذا دفع عوض الضرر فلا شيء عليه، وحينئذ قول المؤلف: (فمن العامل لا يستحق شيئًا) ينبغي أن يقال: ولا شيء عليه ما لم يتضرر الجاعل، فإن تضرر قيل له: إما أن تدفع الضرر وإما أن تلتزم بالعمل.

قال: (ومن الجاعل بعد الشروع للعامل أجرة مثل عمله) مثال ذلك: قال: من بنى لي هذا الحائط فله مئة درهم، فبنى نصفه العامل، فقال الجاعل: فسخت الجعالة، فسخه جائز؛ لأن الجعالة عقد جائز، ولكن يعطي العامل أجرة مثل عمله، وقول المؤلف: (أجرة مثل عمله)، يقتضي أنه لا يعطى القسط من الجعل؛ لأن الفسخ رفع للعقد من أصله.

مثال ذلك: هو قال: من بنى لي هذا الحائط فله مئة درهم، فبنى العامل نصف الحائط، ثم فَسَخ الجاعل، نقول: للعامل أجرة عمله منسوبًا إلى الجعالة ولّا مستقِلًّا؟

ظاهر كلام المؤلف أنه مستقل، وسنعرف الفرق بينهما حتى نحكم، الجعل المجعول على بناء هذا الحائط كم؟

<<  <  ج: ص:  >  >>