المسألة الأولى؛ قال:(إلا دينارًا أو اثني عشر درهمًا عنْ رد الآبِقِ)
الدينار الوحدة من النقود الذهبية، والدرهم الوحدة من النقود الفضية، فإذا رد الإنسان آبقًا –يعني: عبدًا آبقًا- ردَّه إلى صاحبه، وإن لم يجعل عوضًا على ردِّه فله دينار أو اثنى عشر درهما؛ لأنه رُوِيَ في ذلك حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (١) وآثار عن الصحابة (٢)، ولأن الآبق ليس كغيره؛ لأن الآبق آدميٌّ محترم، ورده من إباقه فيه مصلحة للسيد ومصلحة للعبد؛ لأن العبد ربما إذا أبق ذهب وشرد إلى دار الكفر وضاع دينه كما ضاع هو عن سيده، بخلاف الشاة وشبهها، فلهذا أوجب الشارع لمن ردَّه إما دينارًا وإما اثني عشر درهمًا هذه واحدة.
المسألة الثانية: قال العلماء: إذا أنقذ مال غيره من هلكة، فإن له أجر المثل؛ مثاله: رأى مال غيره يسقط في الماء، أو شاته أو بعيره يسقط في الماء، فأنقذها من الماء؛ فله أجر المثل.
شبَّ حريق في بيته فاستخرج أمتعته فله أيش؟ أجر المثل؛ لأن هذا مما تدعو الضرورة إليه، بخلاف ما ليس ضرورة إليه؛ فإن هذا باختيار الإنسان، فلو قال صاحبه: أنا لا أعطيك أجر المثل، ليش الثلث؟ مين قالك الثلث؟ خلي النار تحرقه.
نقول: هذا سفه، وكل إنسان يفرح إذا وجد مَنْ ينقذ ماله من الهلكة.
المسألة الثالثة: إذا كان الإنسان قد أعد نفسه للعمل فجاء شخص فأعطاه الثوب، قال: خذ الثوب هذا، خِطْه لي ثوبًا. أعطاه الثوب، وخاطه له، فجاء من الغد صاحب الثوب، وقال: أعطني ثوبي. قال: لا بأس، لكن أعطني أجر الخياطة. قال: ما أعطيك أجر الخياطة، أنا ما قلت لك: خطه ولا عقدت معك، فهل له شيء؟ نعم له؛ لأن الرجل هذا قد أعدَّ نفسه للأجر والعوض.