للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك لو جاء شخص إلى غسَّال الثياب، وقال: خذ ثوبي هذا اغسله، فلما جاء من الغد جاء يأخذ ثوبه، أعطاه الغسال الثوب، قال: جزاك الله خيرًا، وطهرك من الذنوب. وانصرَف، فقال الغسال: أعطني أجري. قال: ما اتفقت معك على شيء، أنا قلت: اغسله، والآن جزاك الله خيرًا. ويش نقول؟ نقول: لا بد أن يعطيه عوضًا؛ لأن هذا قد أعد نفسه لذلك.

أما لو أعطى شخصًا عاديًّا غيرَ مُعِد نفسه لذلك، قال: خذ هذا الثوب اغسله، فأخذه وغسله فلما صار في الصباح وجاء يطلبه، قال: أعطني أجر الغسل. فهل يستحق شيئًا؟ لا؛ لأن هذا الرجل الذي غسل لم يُعِدَّ نفسه للغسل بعوض، يكون هذا له الأجر؛ أجر الآخرة، أما أجر الدنيا فيقول صاحب الثوب: أنت لم تُعِدَّ نفسك لهذا يا أخي، أنا أعطيتك على أنك محسن، ما على أنك غسَّال؛ فصار الذي يستحق عوضًا بلا عقد في ثلاثة أشياء:

الأول: في رد الآبق.

والثاني: في إنقاذ المال من الهلكة.

والثالث: مَنْ أَعَدَّ نفسَه لعمل فأعطيته ليعمل لك، فإنه يجب عليك العوض وإن لم تتفق معه على عوض، كل هذا إذا قال قائل: لماذا قلنا؟

أما الأول فقد وردت فيه أحاديث وآثار، وأما الثاني فلأن هذا مقتضى الحال لو تصورنا أن صاحب المال الذي وقع في الهلكة عندك الآن لاستغاث بك، أليس كذلك؟ فمقتضى الحال أن تستحقَّ عوضًا؛ لأن صاحبه بلا شك يطلب منك أن تنقذه، وأما الثالث فلأن العامل قد أعدَّ نفسه للعمل، والعادة جارية بأن هذا العامل يعمل للناس بأجرة لا مجانًا.

بقي مسألة رابعة: لو أن شخصًا عمل ما فيه مصلحة لمال الشخص وطلب العوض على ذلك، فهل يلزمه العوض يلزم صاحب المال؟

<<  <  ج: ص:  >  >>