فيه مسألة أخرى؛ هو نوى الرجوع في الرد والنفقة، ولكن في أثناء الحال نوى أنه يُبْرِئ صاحب العبد؛ يعني: نوى بقلبه أنه أبرأه، ثم بعدئذٍ نُدِّم أو هو نفسه تَنَدَّم وأراد الرجوع فهل يرجع أو لا؟
له أن يرجع؛ لأنه حين فِعْلِه للفعل كان ناويًا الرجوع والتعويض لكن فيما بعد نوى أن يبرئه ولم يبرئه، والإنسان إذا نوى الشيء ولم يفعله فهو بالخيار؛ كما لو عزل الإنسان دراهم ليتصدق بها وقبل أن يتصدق بها عدل عن هذا، يجوز ولا لا؟
يجوز، وكما لو بنى بيتًا في نيته أنه سيوقفه على الفقراء ثم بعد استكمال البيت عدل عن هذه النية يجوز ولا لا؟ نعم، يجوز؛ لأنه لم يتلفظ في الوقف، ولم يشرعه للفقراء، وإنما نوى نية، وكما لو نوى أن يضحي بهذه الشاة ولكن لم يعينها ثم عدل وباعها فليس عليه شيء.
كثيرًا ما يغذي الإنسان الشاة قبل الأضحية بشهرين، ثلاثة، أربعة، على أنه سيضحي بها، ثم بعد ذلك يعدل عنها فلا حرج؛ لأن هذه الأشياء لا تتم إلا بالإمضاء فعلًا، أما قبل أن يمضيها فعلًا، وإنما هي مجرد نية فلا يجب عليه شيء.
طالب: الفرق بين إذا نوى إذا رد ( ... ).
الشيخ: الفرق أنه إذا ردَّه بنية أنه متبرع، إذا ردَّ الآبق بنية أنه متبرع فهذا العمل وقع تبرعًا حال فعله، أما المسألة الثانية فقد نوى حال فعل العمل أنه راجع على صاحبه بالعوض فيكون عمله على أنه معوَّض له، ثم بعد ذلك في أثناء الحال نوى الإبراء، ثم عاد وطلب لكن في الأول لم ينو إلزام صاحب العبد بشيء أبدًا.
طالب: النية في قلبه ( ... ).
الشيخ: إي في قلبه، لكن هو الآن يعتقد أنه عامل لله محسن، فلا يمكن أن يعود العمل الذي نواه لله أن يكون معوَّضًا عنه، أما الثاني فقد نوى العمل على أنه معوَّض عنه ثم نوى الإبراء ولم يفعله؛ ولهذا نقول: نوى الإبراء، وذاك نقول: نوى التبرع والإحسان. ( ... )