فإذا كان عند الإنسان شيء؛ مال من حيوان أو غيره قد زالت رغبته عنه فأراد أن يطرحه ويلقيه فلا حرج عليه، ومن وجده وهو يعلم أن صاحبه تركه رغبة عنه فهو له ولا يُسَمَّى لقطة.
ومن هذا الباب ما يكون من المخلفات من بعض الشركات؛ بعض الشركات مثلًا تنفذ مشروعًا وليكن طريقًا؛ تنفذ طريقًا، ويبقى شيء من أدواتها قد تركته رغبةً عنه لا تريده؛ كمواد بناء، وأخشاب، مسامير، وما أشبه ذلك، نعلم أنها تركته رغبة عنه، فوجده إنسان فهل يكون لقطة؟
لا بل هو لواجده.
ومثل ذلك فيما يظهر ما يكون من السيارات التي حصلت عليها حوادث وتركها أصحابها رغبة عنها؛ فإنها لا تكون من اللقطة، بل تكون لواجدها إلا أن يكون هناك نظام عند الدولة بأن هذه المخلفات تكون للمرور، أعني: مخلفات السيارات فلا يتعرض لها أحد.
قال المؤلف:(وتتبعه هِمَّةُ أوساط الناس) ظاهر كلامه أنه لا بد أن يكون هذا الضال عن ربه مما تتبعه همة أوساط الناس، فإن كان لا تتبعه فليس بلقطة، وفي هذا نظر.
والصواب أن هذا القيد (تتبعه همة أوساط الناس) قيد فيما يجب تعريفه لا في اللقطة، وأن اللقطة تكون حتى في الشيء الذي لا تتبعه همة أوساط الناس فإنه لقطة لكن لا يجب تعريفه.
وقوله:(تَتْبَعُه همَّةُ أوساط الناس) يعني: تتعلَّق به نفوسهم؛ يعني أنه إذا ضاع منه تعلَّقت نفسه به وصار يطلبه.
وقوله:(أوساط الناس) أوساط الناس مالًا أو أوساط الناس خلقًا؟
الظاهر الثاني، ومعنى قولنا: الظاهر الثاني يعني: أوساط الناس خلقًا؛ لئلا يدخل البخيل ولا يخرج الكريم، فإن بعض الناس عندهم كرم لو ضاع منهم الشيء الكثير لم يهتموا به، وبعض الناس عندهم بخل شديد لو ضاع منهم الشيء اليسير ذهبوا يطلبونه، ألم تسمعوا قول الشاعر: