على كل حال يشترط في هذا القسم الذي ذكره المؤلف ألا يعلم بصاحبه، فإن عَلِمَ بصاحبه وجب عليه إعلامه به؛ لأنه يعلم مالكه، فكيف يحل له مال غيره وهو يعلمه؟
الحذاء؛ من هذا النوع، أو تتبعه همة أوساط الناس؟
الحذاء يختلف؛ فيه حذاء رخيص جدًّا، وفيه حذاء غالٍ رفيعُ الثمن، لكن صاحبه قد أهلكه باستعماله؛ حتى إن خاتم الحذاء قد انقطع، والوطئة قد تخرقت، لو كان جديدًا يساوي خمسين درهمًا لكن الآن ويش يساوي؟ ولا شيء، يعني: يمكن اللي يجده، يمكن ما يلبسه، لكن صاحب الحذاء من أجل أنه يريد أن يستمتع به يستمتع به.
فالحذاء إذن لا يصح أن نقول: إنه من هذا الباب على الإطلاق، بل يُنْظَر فيه؛ هل هو من النوع الرخيص أو من الغالي، وهل إذا كان من الغالي قد أُتِلَف من الاستعمال أم لم يتلف.
قال:(فيُمْلَك بلا تعريف)، ثم قال:(وما امتنع مِنْ سَبُعٍ صَغيرٍ كَثَوْرٍ وجمل ونحوهما حَرُمَ أخذُه)
هذا القسم الثاني؛ (ما امتنع)(حرم) هل نجعل (ما) هنا موصولة أو نجعلها شرطية؟ يجوز الوجهان؛ يجوز أن يكون التقدير: والذي امتنع حَرُم أخذه، ويجوز أن نقول: وإن امتنع من سبع صغير حرم أخذه؛ يعني معناه أن نجعل (ما) بمعنى (إن) شرطية، والمعنى واحد، فالشيء الذي يمتنع من صغار السباع لا يجوز أخذه، يحرم؛ الدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن ضالة الإبل فقال:«دَعْهَا، مَا لَكَ وَلَهَا؟ مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا»(٣) فقال: «دَعْهَا» فأمر بتركها، والأمر للوجوب وقد غضب الرسول عليه الصلاة والسلام من ذلك؛ ممن سأله عن ضالة الإبل غضب لئلا يتجرأ أحد على أخذها.
وقوله:(من سَبْعٍ صغير) احترازًا من السبع الكبير؛ لأن السبع الكبير قلَّ أن يمتنع منه حيوان، لكن السبع الصغير مثل الذئب والضبع وما أشبههم كالكلب العقور مثلًا.