وإذا قلنا: إن هذا النوع يحرُم التقاطه وأخذه؛ فإنه يَحْرُم ما يفعله بعض الناس الذين يقتنون الحمام، بعض الناس يكون عندهم من الحمام ذَكَرٌ جَذَّابٌ يجذب الحمام، فيشتري هذا الذكر من أجل أن يجذب الحمام إليه تجده يمكن في أسبوع يحصل له عشرين أو ثلاثين حمامة، جاء بها هذا الذكر؛ فهل يجوز أن يقتنى مثل هذا الذكر؟
الجواب: أما إذا اقتناه قصدًا من أجل أن يجذب حمام الناس إليه فهذا حرام لا إشكال فيه، ولكن يبقى النظر إذا كان لم يقتنه قصدًا إلا أن الواقع صار كذلك.
فهل نقول: اذبح هذا الذكر لئلا تجذب حمام الناس أو يقول: والله أنا ما أذبحه.
الذي يظهر لي أنه يجب أن يحبسه أو يذبحه؛ لأننا ما دمنا علمنا بأن هذا يجذب الحمام إليه فقد علمنا الضرر الناتج عن هذا المال، وإذا نتج عن مالك إضرار الآخرين وجب عليك كف الضرر ما أمكن.
(حَرُم أخذُه) قال: (وله التقاط غير ذلك من حيوان وغيره، إن أَمِنَ نفسه على ذلك وإلا فهو كغاصب)
قوله:(وله) اللام هنا للإباحة، ولكن هل المراد بالإباحة هنا استواء الطرفين أو أن الالتقاط أرجح أو عدمه أرجح؟
نقول: إن المؤلف أتى باللام الدالة على الإباحة في مقابلة الحكم بالتحريم في قوله: (حَرُم أخذه) فكأنه قال: ولا يحرم أخذ ما سوى ذلك، ولا يلزم من نفي التحريم انتفاء ترجيح أحد الطرفين فنقول: ما عدا ذلك لك التقاطه، ولكن هل الأفضل أن تلتقطه أو أن تدعه؟
في هذا تفصيل؛ إن كنت تخشى ضياع هذا المال لو تركته، وتعلم من نفسك أنك قادر على تعريفه فالأفضل أن تأخذه؛ لأن في هذا حفظًا لمال أخيك، وأنت تعلم من نفسك أنك سالم منه فالأفضل هنا أن تأخذه.
وإن كنت لا تعلم من نفسك القدرة على تعريفه، ولا تخشى عليه من الضياع لاحتمال أن يجده صاحبه، فالسلامة أسلم، اتركه؛ لأنك إذا أخذته سوف تلزم نفسك بالتعريف، والتعريف ربما يَشُقُّ.