الحال الثانية: أن يَخْشَى الواجد نفسه على هذا الموجود؛ بمعنى أنه يخشى أن يتملكه ولا ينشُده، فهنا يَحْرُم أخذُه، ما هو الأولى تركه، يجب تركُه ويحرم أخذه؛ لأن المؤلف يقول:(وإلَّا) يعني: وإن لم يأمن نفسه على ذلك (فهو كغاصب)، والغصب حرام فيحْرُم عليه أخذه في هذه الحال، ويش بقي عندنا؟
الحال الثالثة: أن يأمن نفسه ولا يخاف على ذلك، فهل السلامة أسلم وأولى أو الأخذ أولى؟
طالب: السلامة أولى.
طالب آخر: الأخذ أولى.
الشيخ: السلامة أولى، يتركه، فكم من إنسان أخذ اللقطة على أنه سيعرِّفها ثم يتهاون أو يأتيه شغل يصده عن تعريفها أو لا يجد ما يعرفها به إلا بثمن باهظ، وما أشبه ذلك فالحاصل أن الأحوال الآن كم؟
ثلاثة: أن يخشى عليها، أن يخشى على نفسه، أن لا يخشى شيئًا. إن خَشِيَ عليها؟
طلبة: أخذها.
الشيخ: أخذها، على سبيل الوجوب أو على سبيل الأفضلية؟
طالب: الأفضلية.
الشيخ: الأفضلية، وبيَّنا لكم وجه امتناع القول بالوجوب، وإلا لقال قائل: يجب أن يحفظ مال أخيه، وبينَّا أنه لا يجب بسبب أنه لا يعلم صاحبه وربما لا يهتدي إليه فلا يجده.
أن يخشى على نفسه فيحرم عليه الأخذ؛ لأنه إن أخذ فهو كالغاصب.
ألا يخشى هذا ولا هذا؛ فله الأخذ، لكن السلامة أولى وأفضل.
يقول المؤلف:(إن أَمِنَ نفسه على ذلك وإلا فهو كغاصب)، ثم قال:(ويُعَرِّف الجميع في مجامع الناس) يعرِّف الجميع؛ أي من القسم الثالث، ما هو؟
طلبة:( ... )
الشيخ: لا، من القسم الثالث، ما هي بالحال الثالثة؛ القسم الثالث ما سوى الأول والثاني يعني: ما سوى الذي يملكه بدون تعريف، وما سوى الذي يحرم عليه أخذه. (يعرِّف الجميع) كيف قال: الجميع؟
لأنه ذكر حيوانًا وغير حيوان؛ يعني: يعرف الحيوان وغير الحيوان.
أما تعريف غير الحيوان فقد دلت عليه السنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال «اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً»(٣).