قال:(غير المساجد) فالمساجد لا يجوز أن تُعَرَّف فيها الضالة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إِذَا سَمِعْتُمْ مَنْ يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَقُولُوا: لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْكَ»(٦) ادعوا عليه بأن الله لا يَرُدَّها عليه، فإن المساجد لم تُبْنَ لهذا؛ المساجد إنما بنيت للصلاة، وقراءة القرءان والذكر وتعليم العلم، وما أشبه ذلك.
لكن، لو عرَّفها عند باب المسجد خارج المسجد، يجوز ولَّا لا؟
يجوز، وعلى هذا فلا بأس من ضَرْبِ إعلان على جدار المسجد مِنَ الخارج؛ يقول: مَنْ ضاع له كذا وكذا؟ حولًا يعني سنة كاملة لقول النبي صلى الله عليه وسلم «ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً»(٣).
والمراد الحول الهلالي لا الشمسي، والحول الهلالي ينقص عن الحول الشمسي بنحو عشرة أيام، فمثلًا إذا قلنا: إن الحول الشمسي من أول يوم من الحَمَل -الحمل أحد البروج الاثني عشر- إلى أول يوم منه؛ فإنه يزيد عما إذا قلنا: إن الحول من أول يوم من شهر محرم إلى أول يوم منه؛ لأن الحول الهلالي دون الحول الشمسي، والمعتبر شرعًا هو الحول الهلالي.
هنا بَيَّن المؤلف رحمه الله المكان الذي تُعَرَّف فيه الضالة، والزمان وأنه حول كامل؛ ودليله قوله صلى الله عليه وسلم «ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةًَ»، ولكن هل يعرَّفها في هذه السنة كل يوم صباحًا ومساء، أو كل يوم مرة، أو كل أسبوع، أو ماذا؟
الجواب على ذلك أن نقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عَرِّفْهَا سَنَةً» ونعلم علم اليقين أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يريد منك أن تبقى ليلًا ونهارًا تُعَرِّف؛ لا تنام في الليل، ولا تستقر في النهار، ما أراد هذا، فيرجع في ذلك إلى العرف، وقد اجتهد بعض العلماء فقال: يعرِّفُها في الأسبوع الأول كل يوم، ثم كل أسبوع مرة، ثم كل شهر مرة.
الأسبوع الأول كل يوم ثم يعرفها شهرًا في كل أسبوع مرة ثم في كل شهر مرة.