من المعلوم أن الحرية والرق حق لله عز وجل فلا نقبل دعوى هذا الرجل أنه رقيق لفلان إلا ببينة، أما إذا لم يكن بينة فإن المؤلف رحمه الله فصَّل، قال: إن سبق منه ما يُنافي العبودية والرق؛ لم تقبل منه دعوى الرق، وإن لم يسبق قُبلت دعوى الرق، مثال ذلك إذا كان هذا الذي قال: أنا عبد فلان، كان بالأول يبيع، ويشتري، ويهب، ويستوهِب، ويقترض، ويُقرض، وربما يكون تزوج، كل هذه التصرفات تنافي أيش؟
الطلبة: تنافي الرق.
الشيخ: تنافي الرق؛ لأن الرقيق ما يتصرف، فهذا الرجل تصرف تصرف الأحرار، ثم بعد ذلك يجي ويقول: أنا عبد فلان، هذا لا نقبل منه، لماذا؟ لأن إقراره تكذبه حاله السابقة، فهو نفسه يكذب نفسه، كيف بالأمس تتصرف تصرف الأحرار من بيع وشراء، وإيجارة واستئجار، وارتهان ورهن، واستهاب وهبة، وتزوج أيضًا، ثم تيجي اليوم تقول: والله أنا عبد لفلان؟ !
لو كنت صادقًا في دعواك أنك عبد فلان ما تصرفت التصرف الذي لا يتصرفه إلا الحر، فإقرارك هذا ينافي حالك سابقًا، فلا نقبل منك، أما لو كان هذا الذي ادعى أقر بأنه رقيق فلان لم يسبق منه ما ينافي الرق، كان حاله بالأول يأكل ويشرب، ولا يبيع ولا يبتاع، ولا يرتهن ولا يرهن؛ فإننا نقبل منه دعوى الرق، ونقول: أنت رقيق فلان، هذا إذا لم يكن بينة، ولكن المذهب في هذه المسألة أصح مما ذهب إليه المؤلف، المذهب يقول: لا يُقبَل منه دعوى الرق سواءٌ حصل منه سبق منافٍ للرق أم لم يحصل.
وقالوا: لأن الحرية والرق حق لله؛ فالحر لا يملك أن يجعل نفسه رقيقًا، والرقيق لا يملك أن يجعل نفسه حُرًّا فلا تُقبل دعواه الرق سواء حصل منه ما يُنافي ذلك أم لم يحصل.