للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: بمنفعة كأنه باع هذه السيارة بمنفعة البيت لمدة عشر سنوات، ولكن المؤلف يقول: (إن شرط فيها عِوضًا معلومًا) ففُهم منه أنه لو شرط فيها عِوضًا مجهولًا فإن ذلك لا يصح وهو في الحقيقة لو لم يأتِ بمعلوم، لو قال: إن شرط فيها عوضًا فبيع لعلمنا أنه لا بد أن يكون معلومًا؛ لأننا إذا حكمنا بأنها بيع صار لها جميع أحكام البيع فلا بد أن تُوجد جميع شروط البيع، وتنتفي جميع موانع البيع، ولهذا لو وهب شخصًا شيئًا بعد أذان الجمعة الثاني وهو ممن يلزمه حضور الجمعة، فهل تصح الهبة؟

طالب: لا.

الشيخ: نقول: إن شرط فيها عوضًا معلومًا فلا تصح؛ لأنها صارت بيعًا، وإن لم يشترط فيها عوضًا معلومًا فصحيح، لماذا؟ لأنها تبرع، والمحرَّم بعد نداء الجمعة الثانية هو البيع وأما التبرع كالصدقة والهبة والهدية فإن ذلك جائز؛ لأن الله إنما حرم البيع حيث قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: ٩].

قال المؤلف: (ولا يصح مجهولًا إلا ما تعذر علمه) لا يصح أن يهب مجهولًا بناءً على اشتراط العلم في الموهوب كما هو صريح كلام المؤلف في قوله: (ماله المعلوم)، فإذا كان مجهولًا فإنه لا يصح، وله أمثلة لو وهب جمله الشارد، أو عبده الآبق فالهبة لا تصح مع أنه ليس بها ضرر، إذا وهب هذا الشخص جملًا له شاردًا قال: يا فلان. فقال: نعم. قال: لي جمل شارد منذ شهر، وأنا وهبتك إياه لك. على كلام المؤلف لا تصح الهبة، والصحيح أنها تصح؛ لأن هذا الموهوب له إن وجد الجمل فهو غانم، وإن لم يجده فهو سالم فليس هذه ميسرًا، الميسر هو الذي يدور فيه الفاعل بين غُنْم وغُرْم، أما بين غُنْم وسلامة فليس هذا من باب الميسر، نقول له: روح دور على الجمل. فقال الموهوب له: أنا أخشى أن أتعب ولا أجده ويش نقول له؟

طالب: لا تتعب.

<<  <  ج: ص:  >  >>