شخص آخر مريض مرض الموت المخوف، فأعطى أجنبيًّا منه، ولكنه صديق له أعطاه مئة درهم، فهل العطية صحيحة؟
فيه تفصيل؛ إن كانت من الثلث فأقل فالعطية صحيحة لازمة، وإن كانت أكثر من الثلث فما زاد عن الثلث فإنه لا يلزم إلا بإجازة الورثة؛ ولهذا يقول:(لا يلزم تبرعه لوارث بشيء)، وعُلِم من قوله:(لا يلزم تبرعه) أنه لو تصرف مع الوارث ببيع أو إجارة بدون محاباة فإن البيع أو الإجارة لازم.
مثل: إنسان مريض مرضًا مخوفًا واشترى من أحد ورثته بيتًا بقيمته التي يُباع بها فالبيع صحيح ولا غير صحيح؟ صحيح لازم؛ لأنه لم يتبرع بشيء، فإن اشترى منه بيتًا يساوي ألفًا بألف وخمس مئة فإن الزائد على الألف لا يصح إلا بإجازة الورثة، وذلك لأن الزائد يُعتبر بمنزلة التبرع؛ إذ إن البيت لا يساوي أكثر من مئة.
يقول:(ولا بما فوق الثلث) لمن؟ للأجنبي؛ يعني غير الوارث. (إلا بإجازة الورثة لها) أي للعطية. (إن مات منه) فهذا الذي أعطى بعض ورثته شيئًا في المرض المخوف إن مات من هذا المرض قلنا للورثة: الأمر بأيديكم، إن شئتم نفذوا العطية، وإن شئتم امنعوها. هذا إن مات، أما إذا عُوفِي فإن التبرع صحيح، التبرع يكون صحيحًا، مثاله: امرأة أخذها الطَّلْق، والطَّلْق مرض مخوف، فتبرعت لزوجها بنصف مالها، ثم ماتت من الوضع، فما حكم التبرع؟
طالب: لا يصح.
الشيخ: لا يصح إلا بإجازة الورثة، وضعت المرأة وبرأت وعادت صحيحة، فما حكم تبرعها لزوجها بنصف مالها؟
طلبة: صحيح.
الشيخ: صحيح؛ لأن المرض الذي كان يمنعها من التبرع لزوجها قد زال وارتفع فصارت العطية صحيحة؛ ولهذا قال:(إن مات منها، وإن عُوفي فكصحيح) إن عوفي من أي شيء؟
طالب: من المرض.
الشيخ: من المرض. (إن عوفي فكصحيح).
ثم قال:(ومن امتد مرضه)، وهذا هو القسم الثالث من الأمراض؛ لأن القسم الأول ما هو؟ المرض غير المخوف، والثاني: المخوف، والثالث: الممتد.