رجل أعطى في مرض موته المخوف شخصًا مئتي درهم، وكان ماله حينئذٍ أربع مئة، ثم أغناه الله، وصار ماله عند الموت ست مئة، فهل العطية نافذة أو لا؟
طالب: نافذة.
الشيخ: لماذا؟ لأنها لم تزد على الثلث.
رجل آخر أعطى في مرض موته المخوف شخصًا مئتي درهم، وكان ماله حينذاك ست مئة درهم وعند الموت نقص فصار أربع مئة درهم، فهل تنفذ العطية كلها أم لا؟
طالب: ما تنفذ.
الشيخ: ما تنفذ، كلها ما تنفذ؟
طلبة: لا، ما زاد على الثلث.
الشيخ: نقول: ما زاد على الثلث فإنه يتوقف على إجازة الورثة، وهنا مئتان زادت على الثلث؛ لأن ماله عند موته كان أربع مئة فنقول: إن أجاز الورثة هذه العطية نفذت، وإن لم يجيزوها وجب أن يضاف ما زاد على الثلث من هذه العطية إلى مال الورثة ليرثوه.
لم يذكر المؤلف متى تُعتَبر الإجازة، المؤلف ذكر أن الثلث يعتبر عند الموت، ولم يذكر متى تعتبر الإجازة، فهل تُعتبر الإجازة حين العطية أو بعد الموت؟
اختلف في هذا العلماء؛ فمنهم من قال: إن الإجازة تُعتبر حين العطية؛ لأنه هو الوقت الذي يثبت فيه الملك للمُعطَى، ومنهم من قال: لا تُعتَبر الإجازة إلا بعد الموت؛ وذلك لأن الورثة لم يملكوا المال حين العطية، وإنما يملكونه بعد الموت فتنفيذهم لما زاد على الثلث قبل الموت تنفيذ في غير محله؛ لأنهم لا يملكون من المال شيئًا، ولكن القول الراجح أنهم إذا رضوا بما زاد على الثلث قبل الموت فإن رضاهم معتبَر، ولا يحق لهم الرجوع بعد ذلك؛ لأن سبب الإرث قد وُجِدَ وهو المرض المخوف.
ويدل لهذا القول ما سبق في باب الشفعة، حيث أمر النبي عليه الصلاة والسلام من أراد أن يبيع أن يعرِض على شريكه، ليأخُذ أو يدع، فإن هذا يدل على أنه متى وُجِد السبب، وإن لم يُوجد الشرط فإن الحكم الْمُعلَّق في هذا السبب نافذ.
ويدل لذلك أيضًا أن الرجل لو حلف على يمين فأراد الحنث وأخرج كفارته قبل الحنث فإن ذلك جائز لوجود السبب.