إذن فالصواب في هذه المسألة أن الورثة إذا أجازوا العطية في مرض موت المخوف فإجازتهم صحيحة لازمة، وليس لهم الرجوع بعد الموت، وعلى الرأي الثاني الذين يقولون: إن المعتبر في الإجازة ما بعد الموت يقولون: إذا أجازوا قبل الموت، ثم رجعوا في الإجازة فلهم ذلك.
قال المؤلف:(وَيُسوَّى بين المتقدم والمتأخر في الوصية، ويُبدأ بالأول فالأول في العطية، ولا يملك الرجوع فيها، ويعتبر القبول لها عند وجودها، ويثبت الملك إذن والوصية بخلاف ذلك).
هذه أربعة أمور تُفارق فيها الوصية العطية:
الأمر الأول: أنه يُسوى بين المتقدم والمتأخر في الوصية ويبدأ بالأول فالأول في العطية، وذلك فيما إذا تزاحمت الوصايا والعطايا، وضاق الثلث عنها، أما إذا لم تتزاحم، وكان الثلث متسعًا فإنه يُعطى الجميع سواء في الوصية أو في العطية لكن إذا تزاحمت الوصايا، وكان الثلث أقل منها، فهل يتساوى الجميع في النقص أو يُقدَّم الأول فيُعطَى كاملًا ويكون النقص على الأخير؟ نقول: هذا مما تختلف فيه الوصية والعطية، ففي العطية نبدأ بالأول فالأول، وفي الوصية يكون النقص على الجميع.
مثال ذلك: رجل أعطى شخصًا (رقم واحد) ألف درهم، (رقم اثنين) ألفي درهم، (رقم ثلاثة) ثلاثة آلاف درهم؛ الجميع ستة آلاف عطية، ما هي وصية، يعني وهبهم في مرض موته المخوف، وكان ماله ستة آلاف درهم، إذن العطية شملت كل المال، هذا لا يمكن؛ لأنه لا يملك ما زاد على الثلث، فكيف نوزع الآن؟
نقول: نبدأ بالأول فالأول، هو أوصى لرقم واحد بألف، لرقم اثنين بألفين، ولرقم ثلاثة بثلاثة، واللي عندنا الآن ستة آلاف، كل المال ستة آلاف، ما الذي يُنفذ من الوصية؟ ينفذ من الوصية ألفان فقط، نبدأ بالأول فالأول؛ الأول أوصى له بألف، ماذا نعمل؟ نعطيه الألف كاملة ويمشي، الثاني أوصى له بألفين، ما بقي معنا الآن إلا ألف، يأخذه الثاني، وأما الثالث فلا شيء له؛ لأنه يُبدأ بالأول فالأول في العطية.