الشيخ: نعم، له الرجوع، له أن يرجع، ووجه التفريق ظاهر هنا؛ لأن الموصَى له لا يملك الموصى به إلا بالقبول بعد الموت، والْمُعطَى يملك المعطَى بالقبول في الحياة، ولا يملك الرجوع إذا قبض لا يملك الرجوع. إذن هذا فرق ثانٍ.
الفرق الثالث:(ويُعتبر القبول لها عند وجودها)(يعتبر القبول لها) أي للعطية، عند وجودها؛ لأنها هبة، ففيها إيجاب وقبول وقبض في آنٍ واحد مثل أن يقول المريض مرض الموت المخوف لشخص: أعطيتُك هذه السيارة إذا لم يقبل في المجلس لم تصح العطية فلا بد أن يكون القبول عند وجودها.
الوصية لا يصح القبول لها إلا بعد الموت، فلو قال الرجل: أوصيتُ لك يا فلان بهذه السيارة هل قبلت؟ ثم مات الموصي فهل يُعتبر قبول الأول أو لا يعتبر؟ لا يعتبر؛ لأن الوصية لا يعتبر قبولها إلا إذا وقعت بعد موت الموصي.
الفرق الرابع: قال: (ويثبت الملك إذن)(يثبت الملك) أي ملك العطية (إذن) أي عند قبولها، وقبولها لا بد أن يكون عند وجودها، من حين ما يقول: أعطيتك أو قبلت.
فيثبت قبض الملك في العطية من حين العطية؛ لأنه إعطاء، ثم قبول في الحال، ثم ملك.
الوصية لا يثبت الملك فيها إلا بعد الموت؛ لأن الملك لا يثبت إلا بالقبول ولا قبول للوصية إلا بعد الموت.
هذه أربعة فروق، هناك أيضًا فروق أخرى، منها: تحريم العطية على من عليه دَيْن يستغرق، وجواز الوصية على من عليه دَيْن يستغرق، لماذا؟ لأن العطية ممن عليه دين يستغرق تبرع يتضمن إسقاط واجب، والتبرع الذي يتضمن إسقاط واجب غير صحيح، أما الوصية فهي تبرع لا يتضمن إسقاط واجب. كيف؟ لأن الوصية لا تنفذ إلا بعد الدَّيْن، أليس كذلك؟ لقوله تعالى:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ}[النساء: ١٢] وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدَّين قبل الوصية.