للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} وهو المال الكثير، مفهومه إذا ترك مالًا قليلًا فإنه لا يُسنُّ له الوصية، ودليل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: «إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً». وصاحب المال القليل إذا أوصى فإنه ربما يجعل ورثته عالة على الناس.

وقوله: أن يوصي بالخمس إنما اختار المؤلف الخمس اقتداءً بأبي بكر رضي الله عنه، حيث قال: رضيت بما رضي الله لنفسه. والله تعالى قد رضي لنفسه الخمس، فقال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: ٤١]، فأوصى بالخمس، وهذا استدلال جيد من أبي بكر رضي الله عنه.

فتكون الوصية بالخمس فيها:

أولًا: الأخذ بالآية، أننا نرضى لأنفسنا ما رضيه الله لنفسه.

وثانيًا: اتباع الخليفة الراشد أبي بكر رضي الله عنه.

ومن الأسف أن أكثر الناس اليوم يوصون بالثلث الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: «الثُّلُثُ كَثِيرٌ». يعني أنه أباحه على مضض، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما: لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ».

فالأحسن والأولى والأفضل لمن أراد الوصية أن يُوصي بأقل من الثلث؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «الثُّلُثُ كَثِيرٌ». وإذا أوصى بالخمس صار أفضل أيضًا استئناسًا بما اختاره الله لنفسه من وجه، واقتداءً بمن؟ بأبي بكر رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>