قال:(ولا لوارث بشيء) يعني ولا تجوز لوارث بشيء، ودليل ذلك أن الله تعالى قسم التركة بين الورثة فقال:{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ}[النساء: ١٢]، فإذا أوصت لزوجها صار له أكثر من النصف، وهذا من تعدي حدود الله، وقد قال الله تعالى في آيات المواريث: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٣) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا} [النساء: ١٣، ١٤] فهذا دليل على أن الوصية للوارث لا تحل.
ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ».
قال:(ولا لوارث بشيء إلا بإجازة الورثة لها بعد الموت فتصح تنفيذًا). يعني إلا بإجازة الورثة فتصح، يعني: إذا أجاز الورثة الوصية بما زاد على الثلث، أو أجازوا الوصية لوارث فإنها تصح لكن تصح تنفيذًا، لا ابتداءً.
فتصح تنفيذًا لا ابتداء عطية، مثال ذلك: أوصى رجل ببيت يملكه لفلان، أجنبي من غير الورثة، فلما مات أحصينا ما عنده، فوجدنا أن بيته يساوي نصف ماله. إذن الوصية زادت على الثلث، نقول للورثة: إن أمضيتم الوصية بالبيت فالحق لكم، ولا حرج، وإن أبيتم فإنه ليس له من البيت إلا ما يُقابل الثلث، والباقي لكم.
تُوفي الرجل، فأجازه الورثة، هل تكون الإجازة ابتداء عطية، أو تنفيذًا؟
تنفيذًا، والفرق بين هذا وهذا أننا إذا قلنا: إنها ابتداء عطية، وقُدِّر أن أحد الورثة في مرض الموت، وليس له مال إلا ما ورثه من مورثه، فإننا إذا قلنا: إنها ابتداء عطية لم يصح من إجازته إلا ما يقابل الثلث، وإذا قلنا: إنها تنفيذ وإنها إمضاء لوصية الأول فإن تنفيذه يصح؛ لأنه لم يبتدئ العطية.