طيب، مثال آخر: رجل له أم وأب وزوجة، فأوصى لزوجته بثلث ماله، ثم طلقها بعد ذلك، وانقضت عدتها، ثم تُوفي الرجل عن أبيه وأمه، فهل تصح الوصية للزوجة؟
طلبة: نعم.
الشيخ: لماذا؟ لأنها حين الموت ليست بوارثة. إذن المعتَبر في كون الموصى له وارث أو غير وارث عند الموت.
قال:(والعكس بالعكس)، يعني إذا أوصى لغير وارث فصار عند الموت وارثًا؛ لم تصح الوصية. والمثال رجل له زوجة وابن وأخ شقيق، فأوصى لأخيه الشقيق، هو الآن وارث ولَّا غير وارث؟
طلبة: غير وارث.
الشيخ: غير وارث؛ لأن الابن يحجبه، ثم مات ابنه قبله، ثم مات الموصي، فالوصية لا تصح؛ لأن الأخ الذي كان محجوبًا بالابن صار الآن وارثًا؛ فلا تصح.
إذن الاعتبار بكون الشخص الموصَى له وارثًا أو غير وارث حال الموت لا حال الوصية.
ثم قال المؤلف رحمه الله:(ويُعتبر القبول بعد الموت وإن طال). يُعتبر أي يُشترط القبول من الموصَى له بعد الموت؛ فإن لم يقبل ورد بطلت الوصية.
وإن قبل قبل الموت يقول المؤلف:(لا قبله)، فالقبول قبل الموت لا يُعتبر؛ وذلك لأن سبب الملك متأخر، إذ إن سبب الملك لا يثبت إلا بعد موت الموصي، فإذا قبل الموصى له قبل فقد قَبِلَ قبل وجود السبب، وتقديم الشيء على سببه يوجب بطلانه.
(يعتبر القبول بعد الموت وإن طال) عن الموت، يعني مثلا رجل أوصى لزيد بألف درهم، ثم توفي زيد، وأُخبِر الموصى له بالوصية، وسكت، وبعد أسبوع أو شهر قال: قبِلت، فهذا جائز؛ يعني لا تُشترط الفورية في القبول، بل يجوز القبول ولو تأخر الموت.
مثال آخر رجل أوصى لشخص بألف درهم فبُلِّغ الشخص بأن فلانًا أوصى له بألف درهم، فقال: اشهدوا يا جماعة أني قبلتُ الوصية ثم مات الموصى له، ثم مات الموصِي، فقام ورثة الموصَى له يطالبون ورثة الموصِي بالوصية، فهل لهم الحق في هذا؟