للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا قيده بعض العلماء قال: هذا بشرط أن يكون السلطان معروفًا بالعدل، أما إذا كان معروفًا بالظلم فإنه لا يجوز للمأمور أن يقتله حتى يتبين أنه قتل بحق، والسلطان إذا أمر بقتل ظلمًا ثم امتنع الشرطي من تنفيذه لا يستطيع أن يقتل الشرطي؛ لأنه إذا قتله سوف يمتنع الشرطي الآخر، ثم يقتل الشُّرَط كلها، وفي مثل هذا لا يمكِّنه الله في الأرض لا بد أن ينتقم منه في الدنيا، لكن كون الشُّرَط يمتثلون أوامر السلطان وهم يعلمون أنه ظالم سوف يكونون مشاركين له في الظلم.

ولهذا يجب على كل شرطي أمره السلطان بظلم أن يمتنع منه، سواء كان قتلًا أو جلدًا أو حبسًا أو أخذ مال؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولو أن الشُّرَط إذا أُمِرُوا بالظلم امتنعوا منه لكان في ذلك سبب لصلاح السلطان، لكن كون السلطان يرى نفسه أن أمره مطاع على كل حال، وكون الشُّرَط يذلون أنفسهم إلى هذا الحد يجترؤون على الظلم الذي يعلمونه كما يعلمون الشمس من أجل طاعة السلطان والخوف على مراتبهم لا شك أن هذا هو الذي ينتشر به الظلم ويستمر الظلم، فكيف عدل الشُّرَط الذين يزيدون على ما أمر به السلطان؟ ! قد يأمر السلطان بتعذيب حق ثم هم يزيدون؛ لأن بعض الشُّرَط -والعياذ بالله- ليس عندهم خوف من الله سبحانه وتعالى؛ إن وُجِّهت العقوبة إلى قومهم خففوها، وإلا ألبسوا ظهره مضربة؛ يعني بطانية، وإن وُجِّهت العقوبة إلى غير قومهم فيا ويل من وُجِّهت إليه العقوبة، سوف أيش؟ إذا كان لغير قومهم فسوف يضربونه أكثر مما أمروا به في الغالب، إلا عاد من يخاف الله يكون بالعدل.

طالب: ماذا يقولون عن الآية -يا شيخ- الذين قالوا: إن الجند لا يعلم ظلمهم على {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا} [القصص: ٨] وجنود فرعون وهامان ربما منهم كان لا يعلم بظلم فرعون؟

الشيخ: ما هو بعلى كل حال، الله ما خطَّأهم إلا لأنهم مستحقون للتخطئة.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>