فمن هو العدل؟ قلنا: ضده الفاسق، ولكن له تعريف بغير الضد؛ وهو من استقام دينه واستقامت مروءته، هذا العدل، ولهذا سمى عدلًا من الاستقامة؛ الطريق العدل ما فيه اعوجاج، العصا العدل ما فيها انحناء، فالعدل من استقام دينه واستقامت مروءته، أما الدين فأن يقوم بما أوجب الله عليه ويَدَع ما حرَّم الله عليه، وأما المروءة فألَّا يفعل ما ينتقده الناس، فإن فعل ما ينتقده الناس فهو ليس ذا عدالة.
لو فُرِضَ أن إنسانًا دخل على ملك من الملوك في بلد جرت عادة الناس فيه أن يلبس الإنسان قميصًا وغترة أو شماغ، فدخل على السلطان ليس عليه إلا هاف، تعرفون الهاف؟
طلبة: السروال القصير.
الشيخ: الهاف السروال القصير قد ستر ما بين السرة والركبة، أعلى بدنه ليس عليه ستر، وأسفل بدنه ليس عليه ستر، ودخل على ملك من الملوك، ماذا تكون المسألة؟
طالب: مجنون.
الشيخ:( ... ) إلى دور المجانين، هذا يخالف المروءة، كذلك كانوا من قبل لا يمكن لأحد أن يأكل في السوق أبدًا، ينتقدون اللي يأكل في السوق أو الذي يتقهوى في السوق، فإذا كنا في بلد ينتقدون ذلك، فجاء رجل وقام يأكل في السوق، أيش تقولون؟
طلبة:( ... ).
الشيخ: لا، ( ... ) لكن ينتقدونه، لا شك ينتقدونه، في الوقت الحاضر صار هذا غير مخالف للمروءة، فيه ناس الآن يتقهوون في السوق في دكاكينه، فصار الآن لا يخالف المروءة، فيه رجل شريف من الشرفاء صار يمشي في السوق قد فتح أزراره ووضع الغترة على كتفه وملأ يده من الفسفس وهو يأكل فسفس يمشي في السوق، أيش يكون هذا؟ مخالفًا للمروءة، حتى الناس ينتقدونه. إذن العدل من هو من استقام دينه واستقامت مروءته.
ومن أهم شيء في العدالة في هذا الباب أن يكون أمينًا؛ أي مؤتمنًا، فإن لم يكن أمينًا فليس بعدل، ولا يصح أن يُوصى إليه.