للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: (حيث شئت) هل يجوز أن يضعه في الأشياء المباحة أو في الأشياء المحرمة؟ لا، لا يجوز؛ لأنه من المعلوم أن قصد الموصي بقوله: (حيث شئت) يعني: من أعمال البر فضعه في صدقة، في شراء الكتب، في إنفاق على طلبة العلم، في إصلاح طرق، في مساجد، في غير ذلك من وجوه الخير. أما أن تصرفه في شيء مباح فهذا يعلم بالضرورة أن الموصي لم يرده. إذن ما الذي يمتنع في مثل هذا؟

يمتنع شيئان:

الشيء الأول: أن يصرفه إلى نفسه أو أصوله أو فروعه؛ لأنه متهم.

والشيء الثاني: أن يصرفه في غير عمل مشروع.

فإن قال قائل: كيف نجيب عن قوله: (حيث شئت)؟

فالجواب أن يقال: إنه من المعلوم أن الموصي إنما أوصى بالمال يريد الثواب، ولا ثواب إلا في شيء مشروع.

***

(ومن مات بمكان لا حاكم فيه ولا وصي حاز بعض من حضره من المسلمين تركته وعمل الأصلح حينئذ فيها من بيع وغيره) من مات بمكان ليس فيه حاكم وليس فيه وصي؛ يعني: في السفر مثلًا رجل سافر مع رفقة، ثم مات في مكان ليس فيه حاكم في البر وليس فيه وصي؛ يعني أن الميت لم يوصِ لأحد، وهذا يقع كثيرًا ولا سيما في عهد الحوادث؛ جماعة مسافرون في سيارة وحصل حادث ومات أحدهم، هذا الميت الآن ما أوصى كما هو المعروف، ما أوصى إلى واحد من رفقائه؛ ما قال: يا فلان، أنت وصي على مالي حُزْه واحفظه حتى تأتي إلى أهلي؛ ما قال هكذا، البر ليس فيه حاكم، معروفة، القضاة في البلاد؛ فهل نقول لهولاء الرفقة: اتركوا ماله ليس لكم حق أن تتصرفوا فيه؟ لا، يجب عليهم؛ ولهذا قال: (حاز بعض من حضره) حاز وجوبًا، وأما (جاز) فالنسخة غلط، بل هي (حاز) وجوبًا بعض من حضره؛ يعني ممن تحصل بهم الكفاية.

وقوله: (عمل الأصلح فيها من بيع وغيره).

<<  <  ج: ص:  >  >>