يقول:(خُلِقَ ولدُه حرًّا) يعني: حال كون الولد قد خُلِق حرًّا؛ احترازًا مما لو تزوج أمة وجامعها وحملت ثم اشتراها، فهنا لا تكون أم ولد، لماذا؟ لأن الولد الذي في بطنها لم يُخْلَق حرًّا، إنما خُلِقَ عبدًا لسيدها، فلا بد أن يكون الولد قد خُلِقَ حرًّا؛ أي: نشأت به وهي في ملك السيد الذي وطئها.
(حيًّا وُلِدَ أو ميتًا قد تَبَيَّن فيه خلق الإنسان) يعني: إذا ولدت ولو ميتًا أو حيًّا فإنه لا بد أن يتبين فيه خلق الإنسان؛ يعني: يتبين فيه اليدان والرجلان والرأس، وهذا إنما يكون بعد بلوغ الحمل ثمانين يومًا، أما قبل ذلك فلا لا يمكن أن يُخَلَّق؛ لأن الجنين في بطن أمه يكون في الأربعين الأولى نطفة، وفي الثانية علقة، ثم في الثالثة يكون مضغة مخلقة وغير مخلقة، إذن لا يمكن أن يبدأ التخليق إلا بعد الثمانين، بعد الثمانين يمكن أن يخلق، في التسعين الغالب أنه يكون مُخَلَّقًا.
(لا مضغة) يعني: لا بإلقاء مضغة، (أو جسم بلا تخطيط) فإذا ألقت مضغة أو علقة فإنها لا تكون أم ولد، لماذا؟ لأنه لم يتبين فيه خلق الإنسان.
واعلم أن أحكام الجنين تتنوع؛ فمنها: ما يتعلق بكونه نطفة، ومنها: ما يتعلق بكونه علقة، ومنها: ما يتعلق بكونه مُخَلَّقًا، ومنها: ما يتعلق بنفخ الروح فيه، ومنها: ما يتعلق بوضعه حيًّا، هذه خمسة أحكام.
فالذي يتعلق بكونه نطفة أنه يجوز إلقاؤه عند الحاجة، وإن لم يكن هناك ضرورة.
وبكونه علقة أنه لا يجوز إلقاؤه إلا للضرورة.
وبكونه مضغة مُخَلَّقة يترتب عليه النفاس؛ فالمرأة إذا وضعت الحمل قبل أن يتبين فيه خلق إنسان فإن الدم الذي يخرج ليس دم نفاس.
يتعلق بنفخ الروح فيه الصلاة عليه، وتكفينه، وتغسيله، ودفنه مع المسلمين، وتسميته، وكذلك العقيقة عنه.
يتعلق بخروجه حيًّا الإرث؛ فإنه لا يرث حتى يخرج حيًّا كما هو معروف.
يقول:(صارت) هذه جواب (إذا)؛ يعني: إذا أولد حرٌّ أمته بهذه الشروط (صارت أم ولد له) أي: للمولِد.