للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما الأصل الخاص فإننا نجد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحصر الأشياء أحيانًا يحصرها ويحددها، مثل: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» (١١)، «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ» (١٢)، وما أشبه ذلك، فالنبي عليه الصلاة والسلام أحيانًا يحصر الشيء.

أما الدليل العام فلأن حصر الأشياء مما يقربها إلى الأذهان، وتقريب العلم إلى الأذهان من الأمور المطلوبة طلب الوسائل أو طلب الغايات؟

طلبة: طلب الوسائل.

الشيخ: طلب الوسائل، ما دام حصر الأمور وسيلة إلى الفهم ومقربًا إلى الفهم فإنه يكون مطلوبًا شرعًا؛ لأنه وسيلة، ووسائل المطلوبات مطلوبة، وعلى هذا يندفع اعتراض من اعترض من الناس ممن قصر إدراكه وظن أنه بلغ الثريا في التمسك بالسنة، وقال: إنَّ حصر هذه الأشياء بدعة من الفقهاء، وصار يقول: ما الدليل؟ ما الدليل؟ وقد عرفتم الآن الدليل؛ الدليل الخاص، والدليل العام.

وفي الحقيقة أنا أُحذر طلبة العلم من التسرع في الاعتراض على أهل العلم إذا كان لا يفهم الشيء كأنما ينزل عليه الوحي! فيُخَطِّئ هذا ويُصَوِّب هذا، مع أنه في الحقيقة هو الخاطئ، لا أقول: مخطئ، هو الخاطئ؛ لأنه خطأ غيره بغير علم، وتهجم على غيره بغير هدى.

فحصر الأركان أو الشروط أو الواجبات هو من الأمور المطلوبة لا شك، لكن يبقى النظر ما هو الدليل على أن هذا واجب، أو هذا شرط، أو هذا ركن، أو هذا سبب، أو هذا مانع؟ فهذا للإنسان الحق أن يطالب به؛ لأنه لا يمكن لأي إنسان أن يقول: هذا واجب أو هذا سبب إلا بدليل، فإذا وُجِدَ الدليل فحصر الأسباب أو الشروط أو الواجبات أو الأركان مما يقرب العلم إلى الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>