فإذا قال قائل: أنتم زدتم على ما فرض الله، قلنا: زدنا لسبب، وهو زيادة المسألة على الفروض، نحن لم ننقص شخصًا ونزيد شخصًا، بل الجميع بالسوية، وكما أننا في العول ننقص من كل واحد، فكذلك بالرد، حتى نستعمل العدل فيما إذا زاد الشيء أو نقص.
يقول المؤلف:(إلا الزوجين) الزوجان لا يُرد عليهما، فلو هلك هالك عن زوج فقط، هذه المرأة ليس لها إلا زوج، ليس لها أقارب، ماذا نصنع؟
المسألة من اثنين: للزوج النصف؛ واحد، والباقي لبيت المال؛ لأنه لا دليل في الرد على الزوجين، إذ إن دليل الرد:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}[الأنفال: ٧٥]، والزوج أو الزوجة الإرث بينهما ليس بالرحم ولكن بالزوجية، فيكون الزوج الآن كواحد من المسلمين، فيعطى لبيت المال، وقد حكاه بعض العلماء إجماعًا أنه لا يُرد على الزوجين؛ لأنه لا وجه للرد عليهما من حيث الأدلة، وذكر بعضهم عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان أنه رد على زوج ماتت عنه زوجته وليس لها وارث سواه، فرد عليه (٢)، ومعلوم أن أمير المؤمنين عثمان من الخلفاء الراشدين، فله سنة متبعة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
أجاب القائلون بأنه لا رد بأن عثمان رضي الله عنه لعله رد عليه لكونه ابن عم؛ لأن هذه قضية عين، وقضية العين لا عموم لها، فلعله رد عليه؛ لأنه ابن عم، فيكون يأخذ النصف للزوجية والباقي بالتعصيب، أو رد عليه؛ لأنه رآه من أحق الناس ببيت المال لفقره أو كثرة عياله أو ما أشبه ذلك، فيكون الرد لسبب من أسباب الإرث، وهو العصوبة؛ لكونه ابن عم، أو لاستحقاقه من بيت المال؛ لأنه أحق، ولا شك أن الزوج أحق من يبر بميراث زوجته من بيت المال.
بقينا الآن كيف نعمل إذا كان معهم أحد الزوجين، وقلنا: لا يُرد عليهم، كيف نعمل؟ إذا هلك هالك عن زوجة وبنت والمال ثمانية ملايين؟