للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: لأن أكثر الغالب أن يعيش فيه تسعين سنة، وأعمار الأمة هذه ما بين الستين إلى السبعين، لكن يوجد من يصل إلى مئة، نقول: تسعين هذا أكثر الغالب أن يعيش تسعين سنة.

السؤال الثاني: كيف ننتظر شهرًا واحدًا؟ هذا لا يكفي؛ لأنا إذا قلنا: ننتظر إذا تم تسعين، معناه إذا تم تسعين حكمنا بأنه ميت ووُرِث ماله، واعتدت زوجته، وأحلت للأزواج، ومثل هذا لا يكفي في الغالب، لا يكفي. وقولهم: إن الأكثر والأغلب ألَّا يعش أكثر من هذا، نقول: لكن وُجِد من يعيش مئة سنة أو أكثر، أليس كذلك؟

(وإن كان غالبه الهلاك) غالب سفره الهلاك، (كمن غرق في مركب فسَلِمَ قوم دون قوم) المركب غرق في البحر وسَلِم قومٌ ونجوا إلى الساحل، وقوم فُقِدُوا ولا يُعلم معهم من هو هذا الرجل المفقود؟ هذا ويش غالب فقده؟ الهلاك. أو احترق المركب أو ما أشبه ذلك، فالغالب الهلاك.

كذلك أيضًا (أو فقد من بين أهله) خرج يقضي حاجة في السوق ولا رجعة، هذا ظاهر غيبته الهلاك، أو هو نائم وأهله في البر، فلما أصبحوا لم يجدوه، هذا أيضًا ظاهر فقده الهلاك.

(أو في مفازة مهلكة) يعني: في أرض فلاة ليس حولها ماء ولا شجر ولا سكان، هذا يسميها العرب مفازة؛ من الفوز، وهذا من باب التسمية بما يتفاءل به؛ لأن هي مهلكة فقالوا: مفازة؛ تفاؤلًا، كما قالوا فيما يوضع على الكسر: جبيرة؛ تفاؤلًا بجبره، فالذي يُفْقَد في مفازة ظاهر غيبته الهلاك؛ لا ماء ولا ساكن ولا شيء فظاهر غيبته الهلاك، ماذا يُنْتَظر به؟ (انتظر تمام أربع سنين منذ فُقِد)، فيه بعض النسخ: (منذ تلف)، والصواب (منذ فُقِد)؛ لأنه إذا تلف ما ننتظر ولا ساعة، لكنها سبقة قلم من المؤلف رحمه الله، فيُنْتَظر به تمام أربع سنين منذ فُقِد.

فإذا فُقِد رجلان -انتبهوا- لكل واحد منهما ثمانٍ وثمانون سنة، أحدهما ظاهر غيبته الهلاك، والثاني ظاهر غيبته السلامة، كم ننتظر لمن ظاهر غيبته السلامة؟

طلبة: أربع سنين.

<<  <  ج: ص:  >  >>