للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: (ورث كل واحد من الآخر من تِلاد ماله دون ما ورثه منه دفعًا للدور) أولًا: نصور المسألة، هؤلاء جماعة ركبوا سفينة، ثم ماتوا كلهم؛ غرقت السفينة وماتوا، ولا ندري أيهم الأول، فهل يجري التوارث بينهم أو لا؟ المذهب أنه يجري التوارث بينهم إذا لم يختلف الورثة.

القول الثاني أنه لا توارث بينهم؛ كل واحد منهم لا يرث الآخر، وإنما يرثه الورثة الآخرون، ليش؟ لأن من شرط الإرث أن يوجد الوارث بعد موت المورِّث؛ لقوله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [النساء: ١٢]، {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ} [النساء: ١١]، فلا بد أن نعلم أن الوارث وُجِد بعد موت المورِّث، وهنا الشرط موجود ولَّا غير موجود؟

طلبة: غير موجود.

الشيخ: غير موجود، إذن لا توارث، وهذا القول مع كونه أصح وأوفر للأدلة الشرعية هو أيضًا أهون وأقطع للنزاع؛ ما فيه نزاع، الأول سيكون فيه نزاع، إذا كان أحدهم أحد الذين غرقوا جميعًا أحدهم يملك ملايين الملايين، والثاني يملك ثوبه الذي عليه فقط، يقول: نورث هذا من هذا، وهذا من هذا. الغني هل يرث من الفقير؟

طلبة: لا يرث.

الشيخ: ليش؟ ما فيه شيء، والفقير يرث من الغني، فيعود مال هذا الغني لورثة الفقير، بأي حق؟ !

فالقول الراجح -بلا شك- أنه لا توارث بينهم، ودليله قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَينِ} إلى آخره [النساء: ١١]، ولقوله: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [النساء: ١٢]. وهذا لا يُعلم، ولهذا سبق لنا في شروط الإرث العلم بموت المورِّث قبل الوارث، والعلم بحياة الوارث بعد موت المورث.

<<  <  ج: ص:  >  >>