هذا وقد ذكروا أن النكاح تجري فيه الأحكام الخمسة؛ فتارة يجب وتارة يستحب وتارة يباح وتارة يكره وتارة يحرم، هذه الأحكام الخمسة؛ ( ... ) الأحكام الخمسة؛ فمعناه الوجوب والاستحباب والإباحة والكراهة والتحريم، هذه الأحكام الخمسة.
متى يجب؟ على مَنْ يخاف زنى بتركه.
ما نقول: متى يُسْتَحب؛ لأنه هو الأصل.
ومتى يُباح؟ يُباح لمن لا شهوة له إذا كان غنيًّا؛ لأنه ما هناك سبب يوجب، ولكن من أجل مصالح الزوجة بالإنفاق عليها وغير ذلك صار مباحًا.
ومتى يُكْرَه؟ لفقير لا شهوة له؛ لأنه حينئذ ليس به حاجة ويُحَمِّل نفسه متاعب كثيرة.
ومتى يحرم؟ قالوا: يحرم بدار الحرب إذا صار الإنسان في بلاد الكفار يقاتل في سبيل الله وهو في دار الحرب فإنه لا يجوز له أن يتزوج؛ لأنه يُخْشَى على عائلته في هذه الدار؛ فلا يجوز له أن يتزوج.
بقينا متى يُسْتحب؟
طالب: الأصل.
الشيخ: فيما عدا ذلك؛ يستحب فيما عدا ذلك؛ لأنه هو الأصل.
فإذا قلنا: إن الأصل فيه الوجوب فهو القول الثاني، وإنه واجب فإننا نجعل الأصل هو الواجب، ونقول: يستحب لإنسان ليس له شهوة ولكن عنده مال ويريد أن ينفع الزوجة، فهذا يستحب له.
ولكن المذهب -كما سمعتم- أنه تجري فيه الأحكام الخمسة، وفي هذه الحال التي ذكرنا لا يجب وإنما يباح.
وينبغي لمن تزوَّج ألا يقصد قضاء الشهوة فقط كما هو مراد أكثر الناس اليوم، إنما ينبغي له أن يقصد بهذا أولًا: امتثال أمر النبي عليه الصلاة والسلام: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ».
وثانيًا: تكثير نسل الأمة؛ لأن تكثير نسل الأمة من الأمور المحبوبة إلى النبي عليه الصلاة والسلام، ولأن تكثير نسل الأمة سبب لقوتها وعزتها؛ ولهذا قال شعيب لقومه:{وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ}[الأعراف: ٨٦]، وامتنَّ الله به على بني إسرائيل في قوله:{وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا}[الإسراء: ٦].