ويَنْوِي أيضًا تحصين فرجه وفرج زوجته، وغضَّ بصره وبصر زوجته، ثم يأتي بعد ذلك قضاء الشهوة.
وقال المؤلف:(ويُسَنُّ نكاح واحدة) بدأ المؤلف بمن يُشْرَع نكاحه؛ فقال:(يُسَنُّ نكاح واحدة)؛ يعني: لا أكثر.
وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم؛ فمن العلماء من قال: إنه ينبغي أن يتزوج أكثر من واحدة ما دام عنده قدرة مالية وطاقة بدنية بحيث يقوم بواجبهن فإن الأفضل أن يتزوج أكثر؛ تحصيلًا لمصالح النكاح؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان عنده عدة نساء، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: خيرُ هذه الأمة أكثرُها نساء (٢).
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يُسَنُّ أن يقتصر على واحدة، وعلل ذلك بأنه أسلم للذمة مِنَ الْجَوْرِ؛ لأنه إذا تزوج اثنتين أو أكثر فقد لا يستطيع العدل بينهما، ولأنه أقرب إلى منع تَشتُّت الأسرة؛ فإنه إذا كان له أكثر من امرأة تَشَتَّتَتِ الأسرة، وصار هؤلاء أولادًا لهذه المرأة وهؤلاء أولادًا لهذه المرأة وهؤلاء أولادًا لهذه المرأة، وتشتَّتَتِ الأسرة، وربما يحصل بينهم تنافر بناء على التنافر الذي بين الأمهات كما هو مشاهد في بعض الأحيان؛ فالأولى أن يقتصر على واحدة؛ ولأنه أقرب إلى القيام بواجبها من النفقة وغيرها، وأهون على المرء من مراعاة العدل؛ فإن مراعاة العدل أمر عظيم يحتاج إلى معاناة وهذا هو المشهور من المذهب.
فإن قال قائل: قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء: ٣] ألا يرجح قولَ من يقول بأن التعدد أفضل؟ لأنه قال:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}[النساء: ٣]، فجعل لك الاقتصار على واحدة فيما إذا خاف عدم العدل، وهذا يقتضي أنه إذا كان يتمكن من العدل فإن الأفضل أن ينكح أربعة.