فنحن نقول: هذا الاستدلال بقصة عائشة فيه نظر، لكن نعم، لو فرضنا أن الرجل وجد أن هذا الخاطب كفء، وأنه يخشى على هذه البنت، –مثلًا- هو كبير السن ويخشى إن انتقل إلى الآخرة وجاءت البنت في ولاية إخوتها أن يتلاعبوا بها، وأن يزوِّجُوها حسب أهوائهم لا حسب مصلحتها، إن رأى المصلحة في هذا أن يزوِّجها مَن هو كفء، فلا بأس بذلك.
ولكن لها الخيار إذا كبرت، إن شاءت قالت: والله ما رضيت بهذا ولا أريده، وإذا كان الأمر كذلك فالسلامة أسلم ألَّا يزوِّجها، وأن يدعها إلى الله عز وجل، فربما إنه الآن يرى هذا الرجل كفؤًا وأيّ كفء، ثم تتغير حال الرجل، وربما يأتي الله لها عند بلوغها النكاح يأتي الله لها برجل خير من هذا الرجل؛ لأن الأمور بيد الله سبحانه وتعالى.
والمهم أن السلامة أسلم، وهذا أمر ينبغي للإنسان أن يسلكه في أقواله وتصرفاته، متى دار الأمر بين السلامة والخطر فالأولى السلامة، وذكر عن الإمام أحمد رحمه الله أنه كان لا يعدل بالسلامة شيئًا، ولعل هذا مأخوذ من قوله صلى الله عليه وسلم:«مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ»(١٢)، يعني إذا لم يتبين لك الخير فيما تقول؟
طالب: الصمت.
الشيخ: السكوت، وجرِّب تَجِد، كم من إنسان أخرج كلمة فقال: ليتني لم أُخْرِجها، لكن لو كان مالكًا لها في قلبه ويش يصير؟ يسيطر، يكون له التحكم، اصبر حتى تشوف إذا وَجَدْت أنه لا بد من الكلام تكلم، وكذلك التصرفات أيضًا، التصرفات إذا دار الأمر بين أن تفعل أو لا تفعل ولم يترجَّح عندك أن الإقدام خير، فإن الأولى ويش الأولى؟ الانتظار والتأني حتى يتَبَيَّن، وما أحسن حال الإنسان إذا استعمل ذلك، يجد الراحة العظيمة، لكن إذا خرج الشيء منه لا عاد يملكه، أليس كذلك؟