وهذا الذي قالوه له وجة نظر، لكن ينبغي أن يقال في البكاء خاصة: إن دَلَّت القرينة على أن البكاء كراهة للزواج فهو إِذْن ولَّا رفض؟
طلبة: رفض.
الشيخ: فهو رفض، وإذا لم تدل القرينة على ذلك فهو لا يدل على الرفض.
وقول المؤلف:(صمات البكر ونطق الثيب)، لو أنه لو عكس الأمر؛ البكر قالت: نعم، أريد أن أتزوج بهذا الرجل وأنا قابلة له، والثيب سكتت، يصير إذْنًا ولَّا لا؟ أما الثيب فلا يكون إذنًا، لماذا؟ لأن النطق أعلى من السكوت، النطق وقولها: رضيت، أعلى من كونها تسكت، وأما البكر فإنه يكون إذنًا؛ لأن كونها تنطق وتقول: رضيت به، أبلغ في الدلالة على الرضا من الصمت.
والعجيب أن ابن حزم رحمه الله بظاهريته يقول: إنها لو صَرَّحَت بالرضا لم يكن إذنًا، لو قالت: رضيت بهذا الرجل وأنا أريده ولا أريد غيره، يقول: هذا ليس بإذن؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام سُئِلَ: كيف إذنها؟ قال:«أَنْ تَسْكُتَ»(١)، ما أبيح، معناه أنه لو جاءت بإذن غير السكوت لم يكن ذلك معتبرًا شرعًا، فما رأيكم في هذا القول؟
طلبة: ضعيف.
الشيخ: هذا قول ضعيف ما فيها إشكال، وهو مما يدل على فساد التمسك بالظاهر بدون مراعاة المعنى؛ لأن الشريعة ظواهرها كلها حق، وكلها حِكَم وأسرار، وليس من الحكمة أن نقول لامرأة: هل ترضين أن تتزوجي بهذا الرجل؟ فتقول: نعم رضيت به، ثم نقول لنظيرتها: هل ترضين أن تتزوجي بهذا الرجل؟ وتسكت، ونقول: إن الثانية راضية، والأولى غير راضية! هذا ليس من الحكمة، فالصواب أن إِذْن البكر أدناه الصمت، وأعلاه؟