وذهب أبو حنيفة إلى أن الثيب تُزَوِّج نفسها بدون وَلِيّ، وقال: إن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا»(٢).
ولكن هذا القول ضعيف، والدليل الذي استدل به ليس معناه أنها تُزَوِّج نفسها، المعنى أنها لا تُزَوَّج حتى تُسْتَأْمَر -كما قال النبي عليه الصلاة والسلام- ويُؤْخَذ أمرها، ويتبين لها الأمر واضحًا جَلِيًّا، ما يُكْتَفَى بنظر الولي بحقها، بل لا بد أن تُسْتَأْمَر ويُبَيَّن لها الأمر على وجه واضح.
والذي حملنا على ذلك هو الأحاديث التي ذكرنا «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ»(٣)، وقد صَحَّحَه أحمد وغيره، وعلى هذا فالصحيح أنه لا بد من الوَلِيّ.
وقال بعض أهل العلم: إنه يجوز أن تُزَوِّج نفسها بإذن وَلِيِّها، فتقول –مثلًا- إذا خُطِبَت ووافقت تقول لوليها: إن فلانًا خطبني وأنا أريد أن أتزوج به، وسأعقد النكاح لنفسي، فإذا أذن لها زَوَّجَت نفسها.
ولكن الصحيح أيضًا خلاف هذا، وأنه لا بد من الولي المباشر، وهذا هو المعروف من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام أنه ما أَحَدٌ تزوَّج إلا بِوَلِيّ، حتى أم سلمة رضي الله عنها لما أراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يتزوَّجها أَمَرَت عمر أن يُزَوِّج النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: قُمْ يا عمر فزوِّج رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أن النبي عليه الصلاة والسلام ذكروا من خصائصه في النكاح أنه يتزوج بدون وَلِيّ؛ لأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم.
طالب: شيخ ( ... )؟
الشيخ: سيأتينا أن المذهب ما يصح، لا بد من إعادة النكاح.
قال:(وشروطه) يعني: شروط الولي، (التكليف) بأن يكون بالغًا عاقلًا، فالذي دون البلوغ لا يعقد لغيره، والمجنون لا يعقد لغيره؛ لأنهما يحتاجان إلى وَلِيّ، هما بأنفسهما يحتاجان إلى وَلِيّ، فكيف يكونان أولياء لغيرهما.