وعلى هذا فالمسألة مشكلة جدًّا، ولهذا يرى بعض الأصحاب رحمهم الله أن العدالة ليست بشرط، وإنما الشرط الأمانة؛ أن يكون مَرْضِيًّا وأمينًا على ابنته، وهذا هو الحق، وكم من إنسان مستقيم الظاهر، لكن بالنسبة لبنته ما يهمه، يهمه الدراهم بس، يأخد دراهم ويزوِّجها أفسق الناس ولا يهتم، هذا بالحقيقة هل نقول: إنه يصح أن يكون وَلِيًّا؟ هذا لا يصح أن يكون وَلِيًّا، وخيانته لابنته تنافي عدالته.
والصواب في هذه المسألة أنه لا بد أن يكون الولي مؤتَمَنًا على مَوْلِيَّتِه، هذا أهم الشروط، وذلك لأنه يتصرف لمصلحة غيره، فاعتُبِرَ تحقيق المصلحة في حق ذلك الغير، أما عدالته ودينه فهذا إليه هو، وكثير من الآباء تجده يمكن فاسقًا من أفسق عباد الله، يشرب الخمر، ويزني، ويحلق لحيته، ويشرب الدخان، ويعامل بالغش، ويغتاب الناس، وينم الناس، لكن بالنسبة لمصلحة بنته ما يمكن يفرِّط فيها، لا يمكن إنه يفرط فيها أبدًا، فكيف نقول: هذا الرجل المعروف بأنه يختار لبناته هو نفسه ما يعرف يتزوج يختار لبناته و ( ... ).
يُزَوِّج ولو كان فاسقًا، لو كان –مثلًا- يعمل بعض المعاصي التي تخرجه من العدالة فإنه يُزَوِّج؛ لأن اشتراط كون السلطان عدلًا هذا شيء مُتَعَذِّر من أزمنة بعيدة، كذلك السيد يزوِّج مَن؟ يزوِّج أَمَتَه، السيد يزوِّج أمته استثنوه، كأنهم يجعلون الأمة -وهو حق- يجعلونها من عداد الأموال التي يتصرف فيها المالك كما يشاء على وفق الشرع، فالسيد يُزَوِّج أَمَته ولو كان فاسقًا؛ لأنها مال، ولكنه لا يجوز له أن يخون أمانته في هذا الباب، يجب عليه أن يتقي الله عز وجل، فإن عُلِمَ أنه لم يتقِّ الله في ذلك فلها الحق في أن تطالبه، أو أن تمتنع، ولا يجبرها.
طالب:( ... ) زوجها رغبة في المال، والقصة موجودة ..
الشيخ: هذا كثيرًا ما يقع ..
الطالب: هل تُفْسَخ؟
الشيخ: إي نعم، إذا لم يكن كفؤًا إذا طالبت يُفْسَخ.