وفي الحقيقة إن هذه المسألة تحتاج إلى نظر؛ لأن الأولياء ليسوا على حد سواء، فتزويج ابن العم مع وجود ابن عم أعلى منه لا شك أنه أهون من تزويج ابن عم مع وجود أب، ولَّا لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: ما فيه شك إنه أهون؛ يعني –مثلًا- عندنا ابن عم يتلاقى مع هذه المرأة في الدرجة الثالثة، وهو هنا في بلد المخطوبة، وابن عم يلتقي بها في الدرجة الثانية في بلد آخر يفوت به الخاطب، لو زَوَّج ابنُ العم في هذه الحال ما كان هناك –يعني- ملامة عليه؛ لأن كلًّا منهم ابن عم، لكن هذا أقرب منزلة، لكن لو يكون ابن عمها هنا موجود، وأبوها في بلد آخر، لكان تزويج ابن العم يُعَدّ عند الناس، ويش يُعَدّ؟ اعتداءً وجناية على حق الأب.
فالمسألة هنا تختلف باختلاف الأولياء، والذي ينبغي أنه ما دام مراجعته ممكنة فإنه لا يزوِّج الأبعد، والسبب في هذا لأننا لو قلنا بتزويج الأبعد في هذه الحال مع إمكان المراجعة لأدَّى ذلك إلى الفوضى، وصار كل إنسان يريد امرأة يذهب إلى ابن عمها إذا غاب أبوها –مثلًا- في سفر حج أو نحوه، ثم يقول: زَوِّجْنِي، فيحصل بذلك فوضى ما لها حد.
فالصواب: إنه يجب مراعاة الولي الأقرب لا سيما في الأبوة، ما يزوّج إلا إذا تعذر –مثلًا- لو فرضنا أن الأب سافر إلى بلاد أوروبية ولا نعلم عنه خبرًا فهذا نعم، نقول: ما نفوِّت مصلحة البنت من أجل أننا نطلب هذا الرجل، يمكن نبقى شهرين، ثلاثة، سنة ما علمنا عنه.
المهم أن المذهب أنه إذا غاب الولي غَيْبَة منقطعة لا تُقْطَع إلا بكلفة ومشقة زَوَّج الأبعدُ، والمذهب أيضًا خلاف كلام المؤلف الماتن، المذهب إذا غاب مسافة قَصْر زَوَّج الأبعد، وعلى هذا فلو كان –مثلًا- الولي في الرسّ وهي في عُنَيْزَة، أو ما يجي مسافة قصر؟ على المذهب ما يجي مسافة قصر، على المذهب مسافة القصر واحد وثمانون وثلاث مئة وسبعة عشر مترًا.
طالب:( ... ).
الشيخ: واحد وثمانين كيلو وثلاث مئة وسبعة عشر مترًا.