قال المؤلف:(ولا يفسخه إلا حاكم) ويش الضمير يعود عليه الهاء؟ أي: النكاح أو العقد لا يفسخه في هذه الحال إلا الحاكم، لماذا؟ لأنه فسخ مختلف فيه، وحكم الحاكم يرفع الخلاف ويقطع النزاع.
ولكن سبق لنا أن شيخ الإسلام رحمه الله قال: لو قيل: إن الفسخ يثبت بتراضيهما وبفسخ الحاكم لكان له وجه؛ يعني معناه أنه إذا رضي الزوج والزوجة على الفسخ فلا حاجة للحاكم يكتب بأنني فسخت نكاحي من هذه المرأة بإعساري بالمهر ومطالبتها به ويعطيها الورقة، ليش نروح للحاكم؟ أما إذا حصل النزاع؛ بأن طالبت بالفسخ فأبى فحينئذٍ نرجع للحاكم، لا بد منه.
وما قاله شيخ الإسلام فهو الصحيح؛ لأنه إذا كان الطلاق أو الفسخ بالعيب أو غيره إذا تراضوا على ذلك لا يحتاج إلى ( ... )، وإن لم يتراضيا على ذلك فلا بد من القاضي؛ لأجل أن يحكم بينهما ويقطع النزاع.
إلى هنا انتهى باب الصداق، وقد أجمعنا -فيما يظهر- على أننا نفعل في جميع الدروس كما نفعل في ألفية ابن مالك.
[باب وليمة العرس]
( ... )(وليمة العرس) هذه من باب إضافة الشيء إلى سببه، والعُرس هو النكاح، و (وليمة) مأخوذة من الإتمام والاجتماع أيضًا؛ لأن (أولم) بمعنى جمع وبمعنى تَمَّ، وهي في الحقيقة جامعة للأمرين؛ ففيها اجتماع، وفيها إتمام، ولكنها نُقِلَت عن هذا المعنى إلى معنى آخر؛ وهو الطعام الذي يصنع، وليس الاجتماع عليه ولا تمام العقد، هي أصلها في الأصل التمام والاجتماع للوليمة، ومنه قول الناس الآن: هذا الشيء والم؛ يعني: جاهز تام، ومنه: التئم القوم؛ يعني: اجتمعوا، ولكنها نُقِلَت بحسب العرف والاصطلاح إلى نفس الطعام الذي يُصنع أيام العرس.
قال المؤلف:(تُسَنُّ) هذا حكمها، فإذن الوليمة هي الطعام الذي يُصنع أيام العرس بمناسبته، (تُسَن) هذا الحكم، فإذا قال لك قائل: ما حكم الوليمة؟ نقول: سُنة تُسَن.