والدليل على ذلك سنة الرسول صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية؛ أما القولية فقوله لعبد الرحمن بن عوف:«أَوْلِمْ»(٢)، وهذا فعل أمر، وأقل أحوال الأمر ويش أقلها؟ الاستحباب. وأما الفعلية فقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه أولم على نسائه (٣)، فتكون الوليمة ثابتة بالسنة القولية والفعلية.
قال:(بشاة فأقل) المعنى أنها لا تزيد على شاة، تُسَن لكن بقدر لا تزيد على شاة، من الشاة فأقل.
بعض علمائنا يقول: إن الناس حكُّوا النقطتين، ويش يصير؟ (بشاه) على كل حال، تُسَن بشاه.
طالب:( ... ).
الشيخ: أقل من الشاة، فهو تمر يمكن!
طالب: الماء.
الشيخ: الماء زين، على كل حال تسن بشاة لا أكثر؛ يعني: من الشاة فأقل؛ خبز، وإدام، تمر، حيس، وما أشبه ذلك، هذه الوليمة.
وقال بعض أهل العلم: إن الوليمة من النفقة الراجعة إلى العرف، فتسن بما يقتضيه العرف؛ للموسع قدره، وللمقتر قدره، لكن بشرط ألَّا تصل إلى حد الإسراف أو المباهاة، فإن وصلت إلى حد الإسراف أو المباهاة صارت محرمة أو مكروهة.
وقول الفقهاء: بشاة فأقل، ما هو دليلهم؟ قالوا: لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ»(٢).
وهذا الحديث لا يدل لما قالوا، بل يدل على أن أقل شيء الشاة، ولم يأت مثل هذا التعبير في اللغة العربية مرادًا به بيان الأكثر، وإنما يأتي في اللغة العربية مرادًا به بيان الأقل، فالصواب أنها للغني ولو بشاة، فإن كان غناه كبيرًا يجعل شاتين أو ثلاثًا، حسب حاله والعرف، ولكن بشرط -كما قلت- ألَّا يخرج إلى حد الإسراف وألَّا يراد به المباهاة؛ يعني: إني أنا أكثر منك، أنا صنعت وليمة أكثر، وما أشبه ذلك، فإن خرجت إلى حد الإسراف فالإسراف محرم، أو إلى حد المباهاة فإنها مكروهة.