للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ولمشتغل بشرطها الذي يحصله قريبًا) مثل إنسان انشق ثوبه وجعل يخيطه، فحان وقت خروج الوقت، أو حان خروج الوقت، فإن صلى قبل أن يخيطه صلى عريانًا، وإن انتظر حتى يخيطه صلى مستترًا، وتحصيله قريب ولا بعيد؟ تحصيله قريب؛ لأن ما عليه إلا أن يخيط الثوب، فنقول هنا: يجوز أن يؤخرها عن وقتها؛ لأنه اشتغل بشرط يحصله قريبًا.

ومثال آخر: إنسان وصل إلى الماء وهو عادم للماء، ما بقي عليه إلا أن ينزل الدلو ويخرج الماء ويتوضأ بالماء، ولكن الشمس الآن على وشك أن تغيب، يعني لا يمكنه أن يستخرج الماء حتى تغيب الشمس، فنقول: لك أن تؤخر العصر حتى تغرب الشمس؛ لأنك مشتغل بماذا؟ بشرط -وهو استعمال الماء- تحصله قريبًا.

فإن كان هذا الرجل وصل إلى الماء لكن الماء يحتاج إلى حفر بئر فقال: سأؤخر الصلاة حتى أحفر البئر، هذا شرط يحصله بعيدًا، حتى وإن كان البئر من الآبار القريبة للماء؛ لأن هذا بعيد، هذا ما ذهب إليه المؤلف، والصواب أنه لا يجوز تأخيرها مطلقًا عن وقتها، وأنه إذا خاف خروج الوقت صلى على حسب حاله، وإن كان يمكن أن يحصل الشرط قريبًا؛ لأن الله قال: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: ١٠٣]، ولأنه لو جاز انتظار الشروط ما صح أن يشرع التيمم؛ لأن بإمكان كل إنسان أن يؤخر الصلاة حتى يجد الماء.

والانفكاك عن هذا الإيراد بقوله: (قريبًا) انفكاك لا يؤثر، لماذا؟ لأن الذي أخر الصلاة عن وقتها لا فرق بين أن يؤخرها إلى وقت طويل أو إلى وقت قصير، فمن أخرها عن الوقت ولو بربع ساعة أو عشر دقائق أوخمس دقائق كمن أخرها عن الوقت عشرين ساعة، كلهم أخرجوها عن الوقت، فإذا كان الحكم سواء في إخراج الصلاة عن وقتها فإنه لا يجوز أن يؤخرها بانتظار الحصول على شرط، وإن كان يحصله قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>