للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استثنى العلماء من ذلك مسألة: إذا كان الإنسان حديث عهد بكفر وجحد وجوبها لأنه لا يعرف أحكام الإسلام؛ فإنه لا يكفر لكن يُعَلَّم ويُبيَّن له الحق، فإذا عرض له الحق على وجه بين فإنه إذا جحد بعد ذلك يكفر، فإذا بُين له الحق على وجه واضح لا حاجة إلى أن يقول: اتضح لي؛ لأنه قد يقول: إلى الآن ما اتضح لي، ويعاند ويكابر، لكن إذا عرض له الحق على وجه بين واضح فإنه إذا جحد كفر.

وفي هذه المسألة التي استثناها العلماء دليل على أنه لا فرق بين الأمور القطعية في الدين وبين الأمور الظنية في أن الإنسان يعذر بالجهل فيها، وهو كذلك، فإن الصحيح أن الإنسان يعذر بالجهل سواء في الأمور العلمية أو في الأمور العملية، وإن شئنا قلنا كما قاله أكثر الناس: الأصولية أو الفروعية، لكن ليعلم أن تقسيم الدين إلى أصول وفروع محدث، أحدثه المتكلمون كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية وتلقاه عنهم الفقهاء، وإلا فليس هذا موجودًا في الكتاب ولا في السنة، أعني تقسيم الدين إلى أصول وفروع.

فيه أيضًا من قسم الدين إلى شيء آخر؛ إلى لب وقشور-الله يهديهم- هذا خطأ عظيم؛ لأنه ليس في الدين قشور أبدًا، فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن القاشرة والمقشورة (٧)، نسأل الله أن يهديهم، وألا يجعلهم من القاشرين والمقشورات.

على كل حال نقول: إذا جحد وجوبها كفر، ويُستثنى من ذلك أيش؟ حديث عهد بكفر، فهذا يُعلم، فإذا عرض له العلم على وجه بين واضح وأصر بعد ذلك؛ كفر.

قال المؤلف: (وكذا تاركها تهاونًا ودعاه إمام أو نائبه) قال: (وكذا تاركها) ففصل هذا عما سبق، لم يقل: ومن جحد وجوبها أو تركها تهاونًا، بل قال: (وكذا تاركها) ففصل هذه عن الأولى؛ لأن هذه لها شروط، اشترط المؤلف -رحمه الله- لذلك أن يدعوه إمام أو نائبه، وأن يصر على الترك حتى يضيق وقت الثانية، فاشترط المؤلف لكفره شرطين، نحل كلام المؤلف أولًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>