للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وإن طلق) يعني: الزوج، (مَن دخل بها)، لو قال المؤلف: مَن لزمتها عدة، لكان أعم؛ لأن المرأة تلزمها العدة إذا دخل بها أو خَلَا بها، فإذا طلَّق مَن لها عدة بدخول أو خلوة في حيض أو طهر وطِئَ فيه –يعني: ولم يستبن حملها– فبدعة.

(إن طلق مَن دخل بها)، قلت: ينبغي أن يقال: مَن عليها عدة، حتى يشمل مَن دخل بها –يعني مَن جامعها – ومَن خَلَا بها، ومَن مسها بشهوة أو قبَّلها، على حسب ما سبق لنا في باب الصداق، فإذا طلق امرأة تلزمها عدة منه في حيض، يقول المؤلف: (فبدعة يقع).

وهذه المسألة من كبار مسائل العلم؛ لما يترتب عليها من إحلال الفروج وتحريمها، وإلحاق النسب، وغير ذلك، والعلماء مختلِفُون فيها، يعني إذا طلقها في حيض، المؤلف كما ترى يقول: إنه بدعة ويقع، وهذا هو الذي عليه المذاهب الأربعة: أحمد بن حنبل، والشافعي، ومالك، وأبو حنيفة، أن طلاق الحيض يقع، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أن طلاق الحيض لا يقع، واستدل بأدلة.

نبدأ أولًا بأدلة عامة أهل العلم الذين يقولون: إن طلاق الحيض يقع، استدلوا بأن ابن عمر رضي الله عنهما طلَّق زوجته وهي حائض، فبَلَغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فتغيَّظ فيه، يعني: أصابه الغيظ منه، تغيَّط وقال لعمر: «مُرْهُ»، يعني: مُرْ عبد الله بن عمر، «فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لْيَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ» (١٢).

ما وجه الدلالة من الحديث على وقوع الطلاق؟

قالوا: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا»، ولو كان الطلاق لم يقع لقال: أَخْبِرْهُ أنه لم يقع، ولَمَا احتاج إلى أن يراجعها.

ويش السبب أنه ما يحتاج أن يراجعها؟ لأنه ما وقع الطلاق حتى نقول: راجِع، فإذا لم يقع الطلاق فلا رجعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>