للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما قوله: إنه لو كان حرامًا ما أمضاه عمر، فنقول: ما أمضاه رِضًا به، ولكن عقوبة لفاعله، ولهذا قال رضي الله عنه حين إمضائه: إن الناس قد تَعَجَّلُوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم.

فإن قال قائل: إن الله قد أجاز الطلاق الثلاث في القرآن، فقال: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩]، ثم قال: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} [البقرة: ٢٣٠]، والطلقة الثالثة تَبِينُ بها، فما هو الجواب؟

الجواب: أن الطلاق الذي ذكره الله طلاق متعاقِب، ولو قلنا بأن الطلقة الثالثة ما تقع، ما صح، فـ {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} يطلق ويراجع، ويطلق ويراجع، ويطلق الثالثة، وحينئذٍ لا تحل له إلا بعد زوج، وهذه الصورةُ الثالثةُ فيها مباحة بالاتفاق، ما أحد قال من العلماء: إنها حرام، بل كلهم مُجْمِعُون على أنها مباحة، ليست حرامًا.

وقول المؤلف: (فتحرُم الثلاث إذن)، ترك المؤلف مرحلة بين مرحلتين، وهما الثنتان، بيَّنَّا واحدة من السنة، والثلاث حرام، فما حكم الثنتين؟

حكم الثنتين قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إنها حرام، وقال الفقهاء: إنها مكروهة وليست حرامًا، والكل منهم يقول: إنها منهي عنها، إما نهي كراهة، وإما نهي تحريم، والأقرب أنها للتحريم، وأن الثانية محرَّمة؛ لأن فيها تعجلًا للبينونة، وقد جعل الله لك فرجًا ومخرجًا، أو لا؟ ما هو تتعجل البينونة، بدل ما أنك تطلق مرة ثم مرة ثم مرة، إذا طلقت مرتين، ويش بقي عليك؟ واحدة، وما دُمْنَا اتفقنا على أن هذا طلاق بدعة فلماذا لا تكون بدعة محرَّمة؟ !

فالصواب: ما ذهب إليه شيخ الإسلام أن الطلقتين حرام، ومع ذلك شيخ الإسلام يرى أنهما ما ينفذان، حرام ولا ينفذان، ما ينفذ إلا واحدة فقط، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

فقال: (فتحرم الثلاث إذن).

قال: (وإن طلَّق مَنْ دخلَ بها .. ) إلى آخره.

<<  <  ج: ص:  >  >>