للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا وقع الطلاق من أهله فإنه (يقع به)، أي: بالصريح، (وإن لم يَنْوِه)، يعني: وإن لم يَنْوِ الطلاق، مثل إنسان قال لزوجته: أنتِ طالق، وما نوى شيئًا، بس قال: أنتِ طالق، ولا نوى الطلاق، وهو يعرف معنى أنتِ طالق، أن معنى أنتِ طالق، يعني: أنني فارقتك، فإنه يقع الطلاق به، وإن لم يَنْوِه؛ وذلك لأنه فراق معلَّق على لفظ فحصل به، وليس عملًا يتقرب به الإنسان إلى ربه حتى نقول: إنما الأعمال بالنيات، هذا لفظ فراق يحصل به، أي: بهذا اللفظ، فمتى وُجِد تَمَّ الفراق، مثل البيع والشراء والإجارة والهبة إذا حصل من الإنسان لو ما نوى، ما دام وُجِدَ لفظ يحصل به الفراق فإنه يقع به، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد؛ أنه يقع الطلاق بالصريح وإن لم يَنْوِه.

واعلم أنه إذا طلق فتارة ينوي الطلاق، وتارة ينوي غيره، وتارة لا ينوي شيئًا، كم دُولِي؟ ثلاثة، إن نوى الطلاق وقع ولا إشكال فيه، وإن نوى غيره فسيأتي، وإن لم يَنْوِ الطلاق ولا غيره يقع، نأخذه من كلامه هنا: (فيقع به وإن لم ينوه).

وقال بعض أهل العلم: إنه إذا لم يَنْوِه فإنه لا يقع؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُّمُ الأَيْمَانَ} [المائدة: ٨٩]، مع أن اليمين له حكم معلَّق عليه ولّا لا؟ له حكم معلَّق عليه، فإذا حلف الإنسان تعلَّق الحكم بيمينه بلفظه، ومع ذلك لم يجعله الله سبحانه وتعالى معتبَرًا إلا إذا نَوَاه، {بِمَا عَقَّدْتُّمُ الأَيْمَانَ}، فإذا كان اليمين لا ينعقد إلا بالنية فالطلاق أيضًا لا ينعقد إلا بالنية، فمن لم يَنْوِه لم يقع.

ولكن لاحظوا أنه سبق لنا أن مَن لم يَنْوِه لإغلاق فإنه لا يقع؛ هذا معروف، لكن كلامنا اللي ما عنده إغلاق ولا شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>