فصار الفرق الآن بين الظاهرة والخفية أنه إذا نوى الطلاق بالظاهرة .. أو بعبارة أشمل: إذا وقع الطلاق بالكناية الظاهرة فإنه يكون ثلاثًا تبين بها، وإذا وقع بالخفية فإنه يقع ما نواه، فإن لم ينوِ شيئًا إلا طلاقًا فقط فواحدة.
وهذا مبني على وقوع الطلاق الثلاث جملة، وسيأتي -إن شاء الله تعالى- أن الصواب أنه ما فيه طلاق ثلاثًا إلا بتكرار بعد رجعة أو عقد جديد، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو الصحيح.
فلو أنه قال لزوجته: أنت طالق ثلاثًا، فهي واحدة. أو أنت طالق أنت طالق أنت طالق، فهي واحدة.
وإذا كان كذلك، وكان باللفظ الصريح لا يقع المكرر إلا واحدة فبالكناية من باب أولى، لكن الكلام هنا على المذهب الذين يرون وقوع الطلاق الثلاث باللفظة الواحدة يقولون: إنه يقع بالكناية ثلاثًا.
وقوله:(وإن نوى واحدة) إشارة إلى خلاف في المسألة، فإن بعض أهل العلم -ومنهم أصحابنا رحمهم الله الفقهاء- يقولون: إنه إذا نوى واحدة بالظاهرة لم يقع إلا واحدة.
دليلهم قول النبي صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»(١)، فإذا نوى واحدة فهي واحدة، فإذا قال لزوجته: أنت خلية، برية، بائن، وما أشبه ذلك فإنه لا يقع إلا واحدة إذا نوى الواحدة.
وقيل: لا يقع بالظاهرة أيضًا إلا واحدة ما لم ينوِ أكثر. وهذا هو القول الثاني ولَّا غيره؟
طالب: غير الثاني.
طالب آخر: هو نفس القول.
الشيخ: لا، غيره، شوف المذهب يقع ثلاثًا ولو نوى واحدة، والقول الثاني: يقع ثلاثًا إلا أن ينوي واحدة، والقول الثالث: يقع واحدة إلا أن ينوي ثلاثًا، صار ثانيًا ولَّا في الأول على وسط يعني؟ غيره؛ يعني معناه أنه إذا قال: أنت خلية -ولم ينوِ شيئًا- فيقع واحدة على القول الثالث، ويقع ثلاثًا على القول الثاني، وعلى الأول أيضًا من باب أولى.