إذا قال لزوجته: أنت عليَّ حرام ونوى به الخبر دون الإنشاء، فإننا نقول له: كذبت، وليس بشيء. قال لزوجته: أنت حرام عليَّ، يخبر خبرًا، ما هو بينشئ التحريم، نقول له: كذبت. ليش نقول: كذبت؟ لأنها حلال، كما لو قال: هذا الخبز عليَّ حرام، ما يريد الإنشاء، يريد الخبر، نقول: كذبت، هذا حلال، لك أن تأكله.
فإذا نوى الإنشاء، نوى تحريمها، قال: أنت عليَّ حرام، نوى تحريمها؛ إنشاء التحريم، فهذا إن نوى به الطلاق فهو طلاق؛ لأنه قابِلٌ لأنْ يكون طلاقًا، وإن نوى به الظهار فهو ظهار، وإن نوى به اليمين فهو يمين.
ما هو الفرق بين هذه الأمور الثلاثة؟
الفرق بينها: أنه إذا نوى به اليمين فهو ما نوى التحريم، لكن نوى الامتناع؛ إما معلقًا وإما مُنَجَّزًا، يعني مثل أن يقول: إن فعلتِ كذا فأنت عليَّ حرام، هذا معلق. فهذا ما قصده أنه بيحرم زوجته، قصده أن تمتنع زوجته من ذلك. وكذلك: أنت عليَّ حرام قصده أن يمتنع من زوجته، فنقول: هذا يمين؛ لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ}[التحريم: ١] إلى أن قال: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}[التحريم: ٢]، وقوله:{مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}(ما) اسم موصول يفيد العموم، فهو شامل للزوجة وللأمة وللطعام والشراب واللباس، فحكم هذا حكم اليمين، قال ابن عباس رضي الله عنهما: إذا قال لزوجته: أنت عليَّ حرام فهي يمين يكفرها (٤)، والاستدلال على ذلك بالآية ظاهر.
الحال الثانية: أن ينوي به الطلاق، فينوي بقوله: أنت علي حرام؛ يعني: أنني مفارقك، ما هو يريد أن تبقى معه ولكنه لا يجامعها، يريد أن يفارقها بهذا اللفظ، فهذا طلاق؛ لأنه صالح للفراق، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:«إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»(٥).